التاريخ الطبّي والفَحص السَّريري في الاضطرابات العَضَلِيَّةِ الهَيكَلِيَّة

حسبAlexandra Villa-Forte, MD, MPH, Cleveland Clinic
تمت مراجعته شوّال 1443

يتكوّن الجهاز العضلي الهيكلي من العظام والعضلات والمَفاصِل والأربطة والأوتار والأَجربَة (انظر مقدمة في بيولوجيا الجهاز العضلي الهيكلي).ويمكن لأيٍّ من هذه المُكَوِّنات أن تُصابَ أو تتأثر بعددٍ من الاضطرابات.

تُصيبُ بعضُ الاضطرابات المَفاصِلَ بشكلٍ رَئيسيَ (مثل خشونة المفاصل)، ممَّا يَتسبَّب في الالتهاب المَفصِلي.توجد اضطراباتٌ أخرى تُصيبُ العظام بشكلٍ رئيسيٍّ (مثل الكسور وداء باجيت في العظام والأورام) أو العضلات أو أنسجة رخوة أخرى (مثل الألم العَضَلي اللِّيفي fibromyalgia والتِهاب الوَتَر tendinitis).

تتوفر فحوصٌ تشخيصية مختلفة لوضع تشخيص الاضطرابات العَضَلِيَّةِ الهَيكَلِيَّة (انظر فحوص الاضطرابات العضلية الهيكلية)، ولكن أهم عنصريساعد الطَّبيب على وضع تشخيصه هو التاريخ الطبي والفحص السَّريري.

التاريخ الطبي

يستفسر الأطباءُ الأشخاص في أثناء التقييم العضلي الهيكلي عن الأعراض العضلية الهيكلية، ولكنَّهم يبحثون أيضًا عن أعراضٍ أخرى مثل الحُمَّى والقشعريرة ونقص الوزن والطفح الجلدي وألم أو احمرار العين وأعراض اضطرابات قلبيَّة ورئويَّة وهضميَّة.قد تكون هذه الأعراضُ الأخرى ناجمة أو مرتبطة باضطرابات عضليَّة هيكليَّة مختلفة.

الألم

يُعدُّ الألم أكثرَ أعرَاض الاضطرابات العضلية الهيكلية شُيُوعًا.يطلبُ الأطباء من الأشخاص وصفَ الألم وموضعه وشدَّته.ويطلبون من الأشخاص أن يذكروا العَوامِل التي تؤدي إلى تفاقم الألم أو تخفيفه، وذكر ما إذا كان الألم جديدًا أو متكررًا.يرغبُ الأطباءُ في معرفة ما إذا كان الألم يتفاقم عند بداية تحريك المَفصِل أو بعد استعماله لفترة طويلة، وما إن كان الألم يحدُث عند الاستيقاظ أو يحدثَ في أثناء النهار.

كما يطلبون من الأشخاص وصف الشعور بالألم، على سبيل المثال، ما إذا كان حادًا أو كليلًا أو ما إذا كان موجعًا أو حارقًا.وهم بحاجة إلى معرفة ما إذا كان الأشخاص يشعرون بألمٍ عميقٍ في مفصل، أو ما إن كان بدا على البُنى العضلية والهيكلية الأخرى تأثُّرها بذلك.يمكن لمعرفة نوع وموضع الألم أن تساعدَ الأطباءَ على اكتشاف السبب.

التيبُّس

يعاني المصابون باضطرابات عضليَّة هيكليَّة غالبًا من تيبُّس في مفاصلهم (أي يشعرون بالمقاومة عندَ محاولة تحريك المفصل).يطلب الأطباء من الأشخاص وصف التيبُّس بشكلٍ مُحدَّد، وذلك لأنَّهم غالبًا ما يستخدمون كلمة "تيبُّس" لوصف الضعف أو التعب الشديد (التعب)، ولكن بالنسبة إلى الأطباء، يعني "التَّيبُّس" صعوبة تحريك المَفاصِل.يميِّز الأطباء التيبُّس عن ممانعة الحركة بسبب الألم الذي يحدث معها.

كما يطلبون من الأشخاص أن يصفوا متى يشعرون بالتَّيبُّس.وفي بعض حالات اضطرابات المَفاصِل (مثل التِهاب المَفاصِلِ الرُّوماتويديّ وخشونة المفاصل)، يحدث التَّيبُّس بعد أن يبدأ الأشخاص بالحركة بعدَ مدّة من الراحة أو عندَ الاستيقاظ في الصباح.كما يحتاج الأطباءُ إلى معرفة المواضع التي يشعر الأشخاص فيها بالتَّيبُّس ومدة استمراره؛فمثلًا، في حالة الاضطرابات التي تُسبب الالتهاب (مثل التهاب المَفاصِل الروماتويدي) يستمرُّ التيبُّس مدّة طويلة (أكثر من ساعة مثلًا)، بينما في حالة الاضطرابات التي لا تُسبِّبُ التهابًا (مثل خشونة المفاصل)، يكون التيبُّس قصير الأجل (حَوالى 10 دقائق مثلًا) رغم أنَّه قد يكون شديدًا، وقد يستمر الألم.

التَّعَب

يُعدُّ التعبُ أحد الأعراض الأخرى التي يستفسر الأطباء عنها.التعب fatigue هو شعور الشخص بالحاجة الماسَّة إلى الرَّاحة مع وجود القليل من الطاقة التي تجعل من الصعب بدء النشاط والمحافظة عليه.وهو يختلف عن الضَّعف أو عدم القدرة على الحركة، ويقوم الأطباء بتقييم الأشخاص لتمييزه عن النعاس.قد يعني التَّعبُ أنَّ الأشخاص يعانون من اضطرابٍ يؤثِّر في أكثر من نظامٍ في الجسم ويُسبب التهابًا أو أنَّه يوجد اضطرابٌ يُعطِّل النُّوم الطبيعي.

عدم استقرار المِفصَل

يمكن أن يعاني المرضى من عدم استقرار أو تقلقل المِفصَل (مثل تذبذب أو التواء المَفصِل)، ممَّا يشير إلى ضعف الأربطة أو البنى الأخرى التي تُثبِّتُه.يحدث الالتواء (عندما تتباعد عظام المفصل) غالبًا في الركبة .

الفحصُ السَّريري

يتحرَّى الطبيبُ عن أشياء معينة في أثناء الفَحص السَّريري وفقًا لنوع الاضطراب أو الإصابة المُشتَبه بها.

وعندَ تقييم العظام، إذا كان يُشتبه بالكسر، قد يلاحظ الطبيب أن الجزء المصاب (مثل الذراع أو الساق) يأخذ شكلاً مُشوهًا، ممّا يشيرُ إلى عدم تراصُف قطعتي العظم المكسور.

يمكن أن يفَحص الطَّبيب (أو يجسّ) أسطح العظام والمَفاصِل للتَّحرِّي عن الإيلام أو الدِّفء أو وجود سائل في المَفصِل أو تشوّه في الشكل، لاسيَّما عندَ الاشتباه بوجود كسر أو ورم أو عدوى عظمية (التِهاب العَظمِ والنِّقي osteomyelitis).قد تكون الكسورُ الانضغاطية في العمود الفقري ناجمةٌ عن هشاشة العَظم، كما قد تكون كسور الإجهاد مؤلمةً بشكلٍ كبيرٍ في البداية، ولكن لا يمكن كشف أيّ شكلٍ مُشوَّه.تشير التَّحدُّباتُ غير الطبيعية في العظام أحيانًا إلى وجود ورم.يقوم الطبيبُ أو الممرضة بقياس درجة حرارة المريض عند الاشتباه بالتِهابِ العَظمِ والنِّقي.

وعندما يشتكي الشخصُ من ضَعف العضلات، يتحسس الطبيب كتلة العضلات وتوتُّرها (مدى استرخاء العضلات في حال الرَّاحة) وقوَّتها وحدوث الألم عندَ لمسها.كما تُفحَص العضلات للتَّحرِّي عن النفضات والحركات اللاإرادية، والتي قد تُشير إلى الإصابة بمرضٍ عصبي بدلًا من مرضٍ عضلي (انظر الأعصاب الحركيَّة).كما يتحرَّون ضمورَ العضلات، الذي قد ينجم عن تضرُّر العضلات أو أعصابها أو نقص استعمالها (ضُمور عَدَمِ الاستِعمال)، كما يحدث في حالة الراحة في الفراش لمدة طويلة في بعض الأحيان.

ويتحرَّون أيضًا عن تضخُّم العضلات (تضخُّم hypertrophy)، الذي ينجم عادة عن الأنشطة أو التمارين التي توتِّر العضلات بشكلٍ متكررٍ، مثل رياضة رفع الأثقال.ولكن، عندما يكون الشخصُ شخصًا، قد يحدُث التضخّم بسبب إجهاد إحدى العضلات التي تعمل أكثر للتعويض عن ضَعف العضلة الأخرى.كما يمكن أن تتضخَّم العضلات عندَ استبدال أنسجة العضلات الطبيعية بنسيج غير طبيعي، ممَّا يزيد من حجم العضلات وليس من قوتها.ويمكن للأنسجة الشاذة أن تحلَّ مَحَلَّ العضلات في الدَّاء النشواني وفي بعض الاضطرابات العضلية الموروثة، مثل الحَثَل العَضَلِيّ مِن نَمَطِ دوشين Duchenne muscular dystrophy.

يحاول الأطباءُ تحديد العضلات الضعيفة (إن وجدت) ومدى ضَعفها.يمكن فحصُ العضلات بِشكل منهجي، حيث يُبدأ عادةً من الوجه والرقبة ثمَّ الطرفين العلويين، فالطرفين السفليين أخيرًا.يجب أن يكونَ الشخص قادرًا عادةً على المحافظة على الذراعين ممدوتين، وجعل الراحتين إلى الأعلى، لمدة دقيقة واحدة دون ارتخاء أو دوران أو ارتعاش.يدلُّ انحناء الذراعين نحو الأسفل وتحوّل راحتي اليدين إلى الداخل على الضَّعف.

يجري اختِبارُ القوة عن طريق الدَّفع أو السحب، بينما يدفع الطبيب ويسحب في الاتجاه المعاكس.كما يُجرى اختبارُ القوّة من خلال قيام الشَّخص بإجراء مناوراتٍ مُعيَّنة، مثل المشي على الكعبين أو أطراف أصابع القدم أو الوقوف من وضع القرفصاء أو الوقوف والجلوس على الكرسي عشرَ مرّات بسرعة.

ويقوم الطبيبُ بفحص مجال الحركة الفاعلة عند الشخص.مجال الحركة الفاعلة active range of motion هو المجال الأقصى الذي يستطيع الشخصُ من خلاله تحريك المفصل من تلقاء نفسه.قد يشير المجال الفاعل المحدود للحركة إلى وجود ضَعفٍ أو ألمٍ أو تيبُّسٍ، كما يُشيرُ إلى وجود شذوذاتٍ ميكانيكية (مثل التَّندُّب والتَّورُّم).يقومُ الطبيبُ بعدَ ذلك بفحص مجال الحَرَكَة اللَافاعِلَة (passive range of motion) عند الشخص.ومجال الحَرَكَة اللَافاعِلَة هو المدى الأقصى الذي يستطيعُ الطبيبُ من خلاله تحريك مفصل الشخص وهو في استرخاء كامل.

كما يقومُ الطبيبُ بفحص قوة العضلات من خلال تحريك الطرف بشكلٍ لَاَفاعِل.يمكن أن تنخفضَ مقاومة الحركة اللَاَفاعِلة (تُسمَّى المقاومة اللَاَفاعِلة) عندما تتضرَّر الأعصاب المتًّصلة بالعضلة.وقد تزداد مقاومة هذه الحركة عندَ تضرُّر الحبل الشوكي أو الدماغ.

وإذا كان الشخصُ ضعيفًا، يقوم الأطباء أيضًا بالنقرِ فوق أوتار عضلاته بمطرقة مطاطية لفحص المُنعَكَسات .قد تكون المُنعَكَساتُ أبطأ ممَّا هو متوقع عندَ تضرُّر العصب المؤدي إلى العضلة.ويمكن أن تكون المُنعَكَساتُ أسرعَ من المتوقع عند تضرُّر الحبل الشوكي أو الدِّماغ.

يقوم الأطبَّاء بمراقبة المَفاصِل أو الأطراف المُصابة.ويمكن أن تساعدَ معرفة نمط المَفاصِل والأطراف المصابة الأطباءَ على معرفة السبب.

كما يقوم الأطباءُ بفحص المَفاصِل المُتضرِّرة بدقَّةٍ أكبر؛فمثلًا، يقومون بفحص المَفاصِل للتَّحرِّي عن وجود سائِل في المَفصِل (يسمّى الانصباب المَفصِلي joint effusion).وقد يختبرون الحركات النوعية، الفاعلة أو اللافاعلة.كما يمكن أن يقوموا بالجرّ أو تطبيق قوة لمعرفة ما إذا كان المَفصِل مستقرًا.

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID