الذُّهولُ والغيبوبة

حسبKenneth Maiese, MD, Rutgers University
تمت مراجعته شوّال 1443

الذُّهولُ stupor هو فقد الاستجابة، بحيث لا يمكن استثارةُ الشخص إلَّا من خلال التحفيز أو التنبيه الجسدي الشديد.الغيبوبة coma هي فقد استجابة الشخص، بحيث لا يمكن استثارته؛ وفيها تبقى عيناه مغلقتين حتَّى عند تنبيهه.

  • ينجم الذهولُ والغيبوبة عادةً عن اضطرابٍ أو دواءٍ أو إصابةٍ تؤثِّر في مناطق كبيرة على جانبي الدماغ، أو في مناطق متخصِّصة من الدماغ تشارك في الحفاظ على الوعي.

  • يُساعد الفحصُ السريري والاختبارات الدَّمويَّة وتَّصوير الدماغ والمعلومات المأخوذة من العائلة والأصدقاء، الأطبَّاء على تحديد السَّبب.

  • يقوم الأطباء بمعالجة الأَسبَاب إن أمكن، ويتخذون تدابير لدعم التنفس ووظائف الجسم الأخرى (مثل التهوية الميكانيكية) ولتقليل الضغط داخل الجمجمة إذا ارتفع.

  • تعتمد الاستفاقة أو التعافي recovery من الغيبوبة إلى حدٍّ كبيرٍ على سبب حدوثها.

التَّحكُّم في الوعي

يمكن للدماغ ضبط مستويات نشاطه ووعيه بسرعة عندَ الضَّرورة عادةً؛حيث يقوم بإجراء هذه التعديلات وفقًا للمعلومات التي يتلقَّاها من العينين والأذنين والجلد والأعضاء الحِسِّيَّة الأخرى؛فمثلًا، يمكن للدِّماغ أن يُكيّف نشاطه الاستقلابي (مستوى الطاقة) ويَحُثُّ على النوم.

وإذا كان الشخصُ متيقظًا (اليقظة) يتحكَّم فيه الجزء العلوي من جذع الدماغ (الجزء الرابط بين المخّ والنخاع) من خلال نظامٍ يتكوَّن من خلايا عصبية وألياف (الجُملَة الشَّبَكِيَّة المُنَشِّطَة).ويتفاعل المخّ (الجزء الأكبر من الدماغ) مع الجزء العلوي من جذع الدماغ للحفاظ على الوعي واليقظة.يتكوَّن الدِّمَاغ من جزأين (النِّصفان الكرويَّان الأيمن والأيسر).

تضعف قدرة الدماغ على التَّحكُّم في مستويات نشاطه ووعيه عندما:

  • يحدث خللٌ في وظيفة نصفي الكرة المخية، لاسيَّما عند حدوث ضررٍ مفاجئٍ وشديد.

  • تحدث حالات خلل في الجُملَة الشَّبَكِيَّة المُنَشِّطَة.

كما تضعف قدرةُ الدماغ على التَّحكُّم في مستويات نشاطه ووعيه في الحالات التالية:

  • عندما يُحرَمُ الأشخاص بشدَّةٍ من النوم

  • بعدَ حدوثِ اختلاجٍ مباشرة

  • عندما ينقص جريان الدَّم أو كمية العناصر الغذائية (مثل الأكسجين أو السكر) المُتَّجهة إلى الدماغ بأكمله

  • عندما ينخفض جريانُ الدَّم المتجه إلى أجزاء معينة من الدماغ ، كما يحدث في بعض السكتات الدماغية

  • عندما تلحق المواد السامة الضرر بالخلايا العصبية في الدماغ أو تجعلها تعمل بشكل أقل كفاءة

  • عندما يؤدي النزف أو التورم الناجم عن أورام دماغية أو إصابة إلى الضغط على أجزاء من الدماغ

يمكن إدخال مواد سامة إلى داخل الجسم (مثل تناولها أو استنشاقها).أو قد يجري إنتاجها في الجسم كمخلفات للعمليات الطبيعية ولكن لا يجري تفكيكها وإزالتها كما هي عادةً.

استعراض الدماغ

يتكوَّن الدماغُ من المخ، وجذع الدماغ، والمخيخ.وينقسم كلُّ نصف (نصف الكرة الدماغية) في الدِّمَاغ إلى فصوص.

مستوياتُ اضطراب الوعي

يمكن أن تكونَ فترات اضطراب الوعي قصيرة أو طويلة.وقد تتراوح درجة الاضطراب بين الخفيفة والشديدة:يستخدم الأطباءُ مصطلحاتٍ مختلفة لوصف المستويات المختلفة للوعي:

  • النُّوام Lethargy هو نقص طفيفٌ في اليقظة أو ضبابيَّة ذهنيَّة خفيفة (تَغَيُّم الوَعي clouding of consciousness)؛حيث يميل المرضى إلى أن يصبحوا أقلَّ تيقُّظًا لما يحدث حولهم، ويصبح تفكيرهم أبْطأ من المعتاد.قد يشعرون بالتعب وتعوزهم الطاقة.

  • يُشيرُ مصطلح تَبَلّد الإِحساس obtundation وهو مصطلحٌ غير دقيق، إلى حدوث نقص متوسِّطٍ في اليقظة أو تغيُّم متوسِّط للوعي.

  • الهذيان هو اضطرابٌ مفاجئٌ في الوعي والوظيفة الذُّهنيَّة، ويكون مُتقلِّبًا عادةً، ويمكن عكسه غالبًا.ولا يستطيع المرضى التركيزَ أو التفكير بوضوح؛حيث يكونون مُشوَّشين وقد لا يعرفون مكانهم أو ما هو الوقت.وقد يكونون منتبهين بشكل مفرط ، ويقظين ، وقادرون على التفكير بوضوح في لحظة واحدة ، ويكونون بطيئين ومشتتين وتشوش ذهن في لحظة.

  • يُستعمَل تغيُّر الحالة العقلية، وهو مصطلح غير دقيق على الإطلاق، في بعض الأحيان للإشارة إلى التغيُّر الحاصل في الوعي، مثل النُّوام أو تَبلّد الإِحساس أو الهذيان، أو الذُّهول أو الغيبوبة في أحيان أخرى.

  • الذهول هو حالة شديدة العمق من عدم الاستجابة.ويمكن أن تقتصرَ فترةُ استثارة المرضى المُصابين به على مُدَّةٍ وجيزة من خلال التحفيز القوي، مثل الهزّ المُتكرِّر أو النداء بصوتٍ مرتفع أو بالقرص.

  • الغيبوبة هي حالة عدم الاستجابة الكاملة (باستثناء المُنعَكَسات التلقائية أو المستقلَّة).ولا يمكن استثارةُ الأشخاص على الإطلاق.وتبقى أعينهم مُغلقة.يفقد الأشخاصُ في الغيبوبة العميقة القدرةَ على القيام بردَّات فعلٍ هادفة، مثل إبعاد أحد الأطراف عن شيءٍ مُؤذٍ.

أسباب الذُّهول والغيبوبة

تنجم المستوياتُ المختلفة لضَعف الوعي - النُّوام و تَبلّد الإِحساس والذُّهول والغيبوبة - عن الأَسبَاب الكثيرة نفسها.

السببُ الأكثر شيوعًا هو

الاضطرابات

تتدخَّل بعضُ الاضطرابات في نقل المواد الضروريَّة إلى الدماغ، أو في قدرة الجسم على استعمالِها.ومن الأمثلة على ذلك

فهو يعطي الأكسجين والعناصرَ المغذِّية الرئيسيَّة (مثل الدهون والسكاكر والمعادن والفيتامينات) إلى نُسُج الجسم. لذلك، عندما ينقص جريان الدم إلى الدماغ، يُحرم من الأكسجين وتلك العناصر.كما قد يُحرم الدماغ من الأكسجين عندما لا تعمل الرئتان بشكل طبيعي، مثلما يحدث في الفشل التنفُّسي.يمكن أن يُحرم الدماغ من المغذيات عندما يتسبَّب اضطراب ما (مثل نقص سكَّر الدَّم) في انخفاض مستويات المغذِّيات في الدَّم.

تزيد الإصابةُ بداء السكّري من خطر حدوث الذهول أو الغيبوبة، لأنَّ داء السكّري قد يؤدي إلى حدوث انخفاض أو ارتفاع شديدين في مستوى سكر الدَّم.عندما تكون مستوياتُ السكّر في الدَّم شديدة الارتفاع، يُصاب الأشخاص بالتَّجفاف، ممَّا يؤدي إلى تراجع كفاءة وظائف الدماغ.أمّا عندما تكون مستوياتُ السكر في الدَّم منخفضة، فيحرم الدماغ من المصدر الرئيسي للطاقة (السكّر)، ويمكن أن يحدث خلل في وظائفه أو يتضرّر.ومع مرور الوقت، يؤدي داءُ السكّري إلى إلحاق الضرر بالأوعية الدموية والخلايا العصبية في الدماغ.ونتيجة لذلك، قد لا يحصل الدماغ على كمية كافية من الأكسجين، وقد تموت أنسجة الدماغ.

يمكن لبعض الاضطرابات الأخرى أن تُسبِّبَ خللًا في وظيفة الخلايا في أنحاء الجسم.تتأثَّر خلايا الدماغ بشكلٍ أكبر غالبًا.تنطوي هذه الاضطراباتُ على ما يلي:

تشتمل الأَسبَابُ الشائعة الأخرى على الاضطرابات التي تُصيب مناطق الدِّماغَ التي تتحكَّم في الوعي.تشمل هذه الاضطرابات كلاً مما يلي:

  • قد تتسبَّب إصابة الرأس في حدوث ارتجاجٍ دون أن تُلحِقَ ضررًا جسديًّا في هذه المناطق، أو أن تُلحِق بها ضررًا مباشرًا أو ضررًا غيرَ مباشر من خلال التَّسبُّب في حدوث نزفٍ (نزف) في الدماغ أو في المنطقة المُحيطة به.

  • كما يمكن للسكتات الدماغية و الأورام أن تُلحِق ضررًا مباشرًا في مناطق الدماغ التي تتحكَّم في الوعي.

يمكن لأيِّ اضطرابٍ يزيد الضغط داخل الجمجمة (الضغط داخل القحف) أن يُضعِفَ الوعي.قد يؤدي وجودُ كتلة في الدماغ، مثل تجمُّع الدَّم (وَرَم دمَوِيُّ hematoma) أو الورم أو الخُراج، إلى إضطراب الوعي بشكلٍ غيرَ مباشرٍ من خلال الضغط على مناطق الدماغ التي تتحكَّم في الوعي.

يمكن للشذوذ التشريحي أن يمنع تدفق السَّائِل النخاعي في الدماغ، مما يزيد من الضغط داخل الجمجمة.السائل النُّخاعي هو السائل الذي يتدفق عبر الأنسجة التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي ويملأ المسافات ضمن الدماغ.تكون بعض الشذوذات التشريحية موجودة منذ الولادة.

ويمكن لكتلة كبيرة دفع الدماغ باتجاه البُنى الصلبة نسبيًّا داخل الجمجمة، ممَّا يؤدي إلى إلحاق الضَّرر بأنسجة الدِّماغ.تؤدي إصابةُ مناطق الدماغ التي تتحكَّم في الوعي إلى حدوث الذُهول أو الغيبوبة.وإذا كان الضغطُ مرتفعًا بما فيه الكفاية، فقد يُدفَع الدماغ من خلال فتحة طبيعية صغيرة في طبقات صلبة نسبيًا من الأنسجة التي تقسم الدماغ إلى أحياز.ويُسمَّى هذا الاضطرابُ المُهدِّد للحياة انفتاقَ الدِّماغ brain herniationيمكن للانفِتاق أن يزيدَ من تضرُّر أنسجة الدماغ، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة السيِّئة.

تزيد الإصابةُ بسكتةٍ دماغيَّة أو باضطرابٍ آخر يُؤثِّر في وظائف الدِّمَاغ من خطر حدوث اضطرابات أخرى قد تتسبَّب في اضطراب الوعي.

المَواد

يضطرب الوعيُ عادةً بسبب تناول الكحول أو استعمال الكثير من أدويةٍ مُعيَّنة، مثل المهدئات والمواد الأفيونيَّة المفعول (المُخدِّرات).وبالإضافة إلى جعل خلايا الدماغ تعملُ ببطء، يمكن للكحول وبعض الأدوية أن تُلحِقَ الضَّرر بخلايا الدماغ بطريقةٍ غير مباشرة.كما يمكنها إبطاء التنفس إلى درجةٍ يصبح عندها مستوى الأكسجين في الدَّم منخفضًا بحيث يُلحقُ الضَّرر بالدماغ.

يُعدُّ استعمالُ الكثير من الأدوية (لمعالجة اضطراباتٍ كثيرة) سببًا شائعًا أيضًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنَّ استعمال الكثير من الأدوية يزيدُ من خطر حدوث تداخلاتٍ بين الأدوية.

يؤدي استعمالُ جرعات مفرطة من الماريجوانا، بما في ذلك الماريجوانا الطِّبِّية، إلى حدوث خللٍ وظيفيٍّ في وظائف الدِّماغ، ممَّا يؤدي إلى إضعاف الوعي وحدوث الاختلاجات في بعض الأحيان.

كما يؤدي استعمالُ بعض الأدوية المُضادَّة للذهان في بعض الأحيان إلى حالة عدم استجابة تسمى المُتَلاَزِمَة الخَبيثَة للدَّواء المُضادِّ للذُّهان.تتميز هذه المُتلازمةُ بحدوث صَمَلٍ في العضلات وحُمَّى وارتفاعٍ في ضغط الدَّم، بالإضافة إلى حدوث تغيُّراتٍ في الوظيفة العقلية (مثل التخليط الذهني والنُّوام).

الاضطراباتُ والشِّدَّة النَّفسيَّة

يمكن أن يَظهرَ الأشخاص المُصابون باضطرابٍ نفسيٍّ أو بشِدَّةٍ نفسيَّة في بعض الأحيان عدمَ الاستجابة؛فمثلًا، قد ينهار الأشخاص الذين يعلمون بإصابتهم بالسرطان أو أنَّ أزواجَهم سوف يتخلَّون عنهم، فلا يستجيبون عند الحديث معهم أو لمسِهِم.ومع ذلك، قد يكون هؤلاء الأشخاص على علمٍ بما يحدث من حولهم، ويمكن أن يقومَ الدِّماغ بوظائفه بشكلٍ طبيعي.

وبناءً على نتائج الفحص، يمكن للأطباء عادةً تحديد مدى إسهام الاضطراب النفسي أو الشِّدَّة النَّفسيَّة فيما يبدو أنَّه اضطراب في الوعي وما إذا كان الشخصُ يتظاهر بذلك.

كبار السّن

لا يمكن للشيخوخة وحدها أن تزيد من خطر ضعف الوعي.ولكنَّ التغيُّرات المرتبطة بالعمر تجعل ضعف الوعي عند كبار السن مصدر قلق خاص (انظر بعض الأمور الأساسية التي تخص كبار السن: الذهول والغيبوبة).فعلى سَبيل المثال، يمكن لبعض الاضطرابات الأكثر شُيُوعًا بين كبار السن (مثل ارتفاع ضغط الدَّم أو السكَّري) أن تزيد من خطر ضعف الوعي إذا حدثت مشكلة أخرى.

وتشتمل المشاكل الشائعة التي قد تحفز ضعف الوعي عند كبار السن على:

  • التفاعل للأَدوِيَة

  • التَّجفاف

  • حالات العدوى

  • الإصابة باضطراب جديد (مثل السكتة الدماغية أو فشل القلب) أو تفاقم اضطراب موجود لديهم سابقًا

الجدول

أعراض الذُّهول والغيبوبة

يحدث اضطرابُ الوعي بدرجاتٍ متفاوتة.ويكون المرضى المصابون بالذُّهول في حالة فقدٍ للوعي عادةً، ولكن يمكن إثارتهم بمحفِّزاتٍ قوية.كما يكون المرضى الدَّاخلون في غيبوبة فاقدين للوعي، وتكون أعينهم مُغلقة وتتعذَّر إثارتهم.

يؤثِّر تضرُّرُ الدماغ أو خلله الوظيفي، الذي يُسبِّبُ الذهولَ والغيبوبة، في أجزاءٍ أخرى من الجسم.

يكوننمط التَّنفُّس غيرَ طبيعيٍّ عادةً.قد يتنفّس المرضى بسرعةٍ كبيرة أو ببطءٍ شديدٍ أو بعُمقٍ شديدٍ أو بشكلٍ غير منتظم؛أو يمكن أن يحدثَ تناوبٌ بين هذه الأنماط غير الطَّبيعيَّة.

وقد يزداد ضغط الدَّم أو ينقص، وذلك اعتمادًا على سبب اضطراب الوعي؛فعلى سَبيل المثال، إذا تسبَّبت إصابة في الرأس في حدوث نزفٍ شديدٍ في الدماغ، يزداد الضغطُ داخل الجمجمة بسرعة، وينخفض جريان الدَّم إلى الدماغ.تستجب الأعصابُ التي تتحكَّم في ضغط الدَّم بزيادته في محاولة للحفاظ على جريان الدَّم بشكلٍ طبيعي إلى الدماغ.إذا كان سببُ اضطراب الوعي هو العدوى الشديدة أو التجفاف الشديد أو فقدان الدَّم الكبير أو الجرعة الزائدة من أدوية محددة أو السكتة القلبية، فإنَّ ضغط الدَّم ينخفض بشكلٍ كبير.

يمكن أن تتقلَّصالعضلات ويستمرُّ تقلُّصُها في وضعيَّاتٍ غيرَ مَألوفَة؛فمثلًا، يميل الرأسُ إلى الخلف، وتكون الساقان والذراعان في وضعيَّة البسط - وهي وضعيّة تُسمى صَمَلُ فَصلِ الدِّماغ (decerebrate rigidity).أو قد تنحني الذراعان مع بسط الساقين - وهي وضعيّة تُسمى وَضعِيَّة صمل مَنزُوع القِشرَة decorticate rigidity؛أو يمكن أن يرتخي الجسمُ بأكمله.تتقلَّص العضلاتُ بصورة فراديَّة sporadically أو لاإراديَّة في بعض الأحيان.

ويمكن أن تصاب العينان.قد تتوسَّع إحدى الحدقتين أو كلتيهما، كما يمكن ألَّا تحدث ردَّة فعلٍ لتغيُّرات الضوء.أو قد تكون الحدقتان صغيرتين جدًا.وقد لا تتحرّك العينان، أو قد تتحركان بطرائقٍ غير طبيعية.

قد يُؤدي الاضطرابُ الذي يُضعِفُ الوعي إلى ظهور أعراضٍ أخرى؛فمثلًا، إذا كان السببُ هو التهاب السحايا (عدوى تُصيب طبقات النسيج الذي يُغطِّي الدماغ والحبل الشوكي)، فإنَّ الأعراضَ المبكّرة قد تشتمل على الحُمَّى والقيء والصُّدَاع وتيبُّس الرقبة والشعور بألمٍ فيها، ممَّا يجعل خفض الذقن إلى الصدر صعبًا أو مستحيلًا.

كما قد يؤدِّي العجزُ عن الحركة (عدم الحركة) لفترةٍ طويلةٍ، كما يحدث في الغيبوبة، إلى حدوث مشاكل، مثل قرحات الضغط، وتضرُّر الأعصاب في الأطراف، وتشكُّل جلطات دمويَّة، وحدوث حالات عدوى في السبيل البولي (انظر المشاكل بسبب الراحة في الفراش).

تشخيص الذُّهول والغيبوبة

  • تقييم الطبيب

  • الفحص العصبي

  • اختبارات التصوير والمختبر

يمكن للأطبّاء تمييز ضَعف الوعي بناءً على الملاحظة والفحص السريري.وهم يحاولون تحديد أجزاء الدماغ المصابة بالاضطراب وسبب حدوثه، نظرًا لاختلاف المُعالجة ولاحتمال تقدُّم حالة الاضطراب، ممَّا يؤدي إلى حدوث الغيبوبة وموت الدماغ.

يُوضَع تشخيص الذهول عندما تتثير المحاولات القوية والمُتكرِّرة الشخصَ لفترةٍ وجيزة فقط.ولكن، يجري تشخيص الغيبوبة عندما لا يمكن إثارة الشخص على الإطلاق، وتبقى عيناه مغلقتين.

ينبغي نقلُ الأشخاص المُصابين بالذهول أو الغيبوبة إلى المستشفى مباشرةً، لأنَّ كلتا الحالتين قد تنجمان عن اضطرابٍ مُهدِّدٍ الحياة.ويحاول ممارسو الرعاية الصحّية تحديد السبب وتقديم الرعاية الطبية الطارئة في نفس الوقت؛فمثلًا، يُجرى اختبارٌ سريعٌ لتقدير مستوى السكر في الدَّم؛فإذا تبيَّن وجودُ مستوى منخفض للسكر في الدَّم عند الأشخاص (والذي يمكن أن يُلحِقَ ضررًا سريعًا ودائمًا في الدِّماغ)، فيمكن معالجته على الفور.

لا يمكن للشخص المُصاب بحالة ذهول أو غيبوبة أن يتواصل مع الآخرين.لذلك يقوم الطبيبُ عادةً بالتَّحرِّي عن ارتداء الشخص لسِوار أو قلادة تعريف طبية، ممَّا قد يُشير إلى السبب.كما يمكن أن يتحرَّى الطبيب في محفظة الشخص أو حقيبتُه أو جيوبه لتحديد هويته الطبية (مثل بطاقة تعريف المستشفى) أو الأدوية، والتي قد تُساعد أيضًا على تحديد السبب.وهكذا، يجب على الشخص المُصاب باضطرابٍ يزيد من خطر الذهول أو الغيبوبة (مثل داء السُّكّري أو أحد الاضطرابات الاختلاجية) أن يحمل أو يرتدي شكلًا من أشكال التَّعريف الطبي.

ويستفسر الطبيبُ من الشُّهود عن تغيُّر الوعي وارتباطه بالظروف التي حدث فيها، وعن أيّ أعراض أخرى لدى الشخص؛فعلى سَبيل المثال، إذا انتفضت أطرافُ الشخص بشكلٍ مُتكرِّر عندَ تأثَّر الوعي، قد يكون السبب نوبة صرعية.كما يتحدّث الطبيبُ مع أفراد العائلة والأصدقاء، الذين يجب أن يُقدِّموا بكل صراحة لموظفي الطوارئ الطبية أو الطبيب أيَّة معلوماتٍ مرتبطةٍ بالشَّخص، حيث تشتمل على ما يلي:

  • الأدوية التي يستعملها الشخص (بموجب وصفة طبيَّة أو ترفيهيَّة) أو تناوله للكحول أو لغيره من المواد السَّامَّة، والنوع الذي يستعمله

  • تعرُّض الشخص لإصابة قبل حدوث تغيُّر الوعي

  • توقيت وطريقة بدء المشكلة

  • وجود إصابة حاليَّة أو سابقة بأيَّ عدوى أو اضطراباتٍ أخرى (مثل داء السُّكّري، أو ارتفاع ضغط الدَّم، أو الصرع، أو أي اضطراب في الغُدَّة الدرقية أو الكلى أو الكبد) أو أعراض أخرى (مثل الصُّدَاع أو القيء)

  • توقيت آخر حالة طبيعية للشخص

  • تناول الشخص لطعامٍ غيرَ مألوفٍ أو عودته من سفر

  • معرفة حدسِهِم حول السبب المُحتمل (مثل، معاناة الشخص حديثًا من الاكتئاب أو تحدُّثه عن الانتحار)

يمكن لهذه المعلومات أن تساعدَ الأطباءَ على تحديد الأَسبَاب المحتملة، وعلى تقييم مدى إمكانيَّة تعافي الشخص.وسوف يتعذَّر تحديد الكثير من هذه الأَسبَاب رغمَ إجراء اختباراتٍ تشخيصية شاملة، وذلك في غياب هذه المعلومات؛فمثلًا، إذا تناول الشخصُ أطعمة غير مَألوفَة، قد يكون السَّبب هو التَّسمُّم (مثلما يحدث عند تناول الفطر السَّام).إذا سافر الشخص منذ فترة قريبة، قد يكون السببُ هو التقاطه لعدوى مُنتشرة في المنطقة التي زارها.وإذا عُثِرَ على عبوات أقراص فارغة أو أدوات تعاطي المخدرات في مكان قريب، قد يكون السبب هو جرعة زائدة من المخدرات.أمَّا إذا جرى استعمال مادَّة مُخدِّرة أو سامَّة، فينبغي على أفراد العائلة أو الأصدقاء إعطاء عينة من هذه المادة أو حاويتها إلى الطبيب.

هل تعلم...

  • تكون المعلوماتُ الواردة من الأصدقاء وأفراد الأسرة أكثرَ فائدةً غالبًا من الاختبارات التَّشخيصية لتحديد سبب الغيبوبة.

تكون المعلومات الواردة من العائلة والأصدقاء قيِّمةً ومن المرجَّح أن تؤدي إلى وضع التشخيص الصَّحيح عادةً أكثرَ من الفحص أو الاختبار؛فمثلًا، لا يمكن لأيِّ اختبارٍ استبعاد جميع الجرعات الدوائيَّة الزائدة المُحتملة.

الفحصُ السَّريري

يجري تحرِّي درجة حرارة الجسم.قد تُشير درجةُ الحرارة المرتفعة بشكلٍ غير طبيعي إلى وجود إصابة بعدوى أو بضربة الحرارة أو إلى استعمال جرعة زائدة من دواءٍ يُنبّه الجسم (مثل الكوكايين cocaine أو الأمفيتامين amphetamine).ويمكن أن تُشير درجة الحرارة المنخفضة بشكلٍ غير طبيعي إلى التعرض لفترة طويلة للبرد، أو إلى نقص نشاط الغُدَّة الدرقية، أو إلى الإصابة بالتسمُّم الكحولي أو استعمال جرعة زائدة من المُهدِّئات، أو إلى إصابة كبار السن بالعدوى.

يقوم الأطباءُ بفحص الرأس والوجه والجلد للحصول على أدلة على السبب، مثلاً:

  • تشير العيونُ السوداء أو الجروح أو الكدمات أو تسرّب السَّائِل النخاعي (السائل الذي يحيط بالدماغ) من الأنف أو الأذنين إلى إصابة في الرأس.

  • تُشير علامات الإبر إلى استعمال جرعةٍ زائدة من المخدرات، مثل الهيروين.

  • وتشير الحمى مع الطفحُ الجلدي إلى الإصابة بعدوى غالبًا، مثل الإنتان sepsis (ردَّة فعلٍ خطيرة في كل الجسم تجاه عدوى مجرى الدَّم) أو عدوى في الدماغ.

  • كما تُشير بعضُ الروائح في النَّفَس إلى الحُماض الكيتونِي السُكَّرِي diabetic ketoacidosis أو إلى تناول السُّم أو كميَّات كبيرة من الكحول.

  • يمكن أن تكون الاختلاجاتُ سببَ عضِّ الأشخاص لألسنتهم.

الفحصُ العصبي

يُجرى فحصٍ عصبيٍّ دقيقٍ قدرَ الإمكان.يُساعد هذا الفحصُ الأطباءَ على معرفة:

  • مدى شدّة ضَعف الوعي

  • ما إذا كان جذعُ الدماغ يعمل بشكلٍ طبيعي

  • جزء الدِّماغ الذي لحق به الضَّرر

  • السبب المُحتمل

إذا كان الأشخاص فاقدي الوعي، يحاول الأطباء في البداية إيقاظهم من خلال التَّحدِّث إليهم، ثم لمس أطرافهم أو صدرهم أو ظهرهم.ويلجأون، عند فشل هذه الإجراءات، إلى استعمال المُنبِّهات التي تُسبِّبُ الإزعاج أو الألم، مثل القَرص.إذا كشَّرَ الأشخاص أو فتحوا أعيُنهم عند القيام بتنبيهٍ مؤلم أو إذا انسحبوا منه بشكلٍ هادف، فإنَّ معاناتهم من اضطراب الوعي تكون غيرَ شديدة.يُعدُّ تمكُّنُ الأشخاص من إصدار أصواتٍ دليلًا على أنَّ نصفي الكرة المُخيَّة يعملان بالكفاءة نفسها.يُشير فتحُ العينين إلى احتمال قيام بعض أجزاء جذع الدِّماغ بوظيفتها.

يستعمل الأطباءُ في بعض الأحيان نظام تسجيل قياسيًا، مثل مقياس غلاسكو للغيبوبة glasgow coma scale، للمساعدة على تتبُّع تغيُّرات مستوى الوعي عند الشخص؛حيثُ يُحدد هذا المقياس نقاطًا وفقًا لردَّات فعل الشخص للمُنبِّهات.ويجري تقييمُ حركة العينين والنُّطق والحركات.يمكن التعويلُ على هذا المقياس بشكلٍ نسبي، حيث يقيس بشكلٍ موضوعي درجة عدم استجابة الأشخاص.

ويمكن لأنماط التنفُّس غير الطبيعية أن توفِّرَ أدلة على أجزاء الدماغ التي لا تقوم بوظيفتها.

كما يمكن للتَّحرِّي عن الاستجابات للتنبيه المؤلم أن يُساعدَ على تحديد وجود خلل في وظيفة أجزاءٍ من الدماغ والحبل الشوكي.عند حدوث الغيبوبة، قد يؤدي استعمالُ المُنبِّهات المؤلمة إلى اتخاذ الجسم لوضعيات غير طبيعيَّة؛فمثلًا، قد يميل الرأس إلى الخلف، وتكون الساقان والذراعان في وضعيَّة البسط (يُسمى ذلك صَمَلُ فَصلِ الدِّماغ).أو قد تنحني الذراعان مع بسط الساقين (تُسمى وَضعِيَّة صمل مَنزُوع القِشرَة decorticate rigidity)؛يساعد هذا الاخبار على تحديد ما إذا كانت منطقة الدماغ تعمل بشكلٍ طبيعي

يُعدُّ ارتخاءُ كامل الجسم وعدم حدوث أيَّة مُنعكاسات أسوأ ردَّات الفعل المُحتملة؛حيث قد يُشيران إلى وجود خللٍ وظيفيٍّ شديد في الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والنخاع).ولكن إذا عاد توتُّر وحركات العضلات، فقد يكون السببُ أقلَّ خطورةً، مثل استعمال جرعة زائدة من المُهدِّئ.

يجري فحصُ المنعكسات التلقائية في أجزاء محددة من الجسم، عن طريق مناورات، مثل طرق المَفاصِل بمطرقة المنعكسات.يتحرَّى الأطباءُ عن وجود اختلافات في قوة المنعكسات في أجزاء مختلفة من الجسم.تساعد هذه المعلوماتُ في بعض الأحيان على تحديد مناطق الدماغ التي لا تعمل بشكلٍ طبيعي.

تكون جميعُ المنعكسات التلقائية طبيعيَّة إذا كان عدم الاستجابة ناجمًا عن اضطراب نفسيٍّ لا يؤدي إلى إضطراب الوعي.

كما توفِّرُ العينان أدلَّة مهمَّةً عن كفاءة عمل جذع الدماغ، وعن العوامل التي قد تُنقِص الوعي.يقوم الأطباءُ بفحص وضعية الحدقتين وحجمهما وردَّة فعلهما للضوء الساطع وقدرتهما على تتبُّع جسمٍ متحرك (عندَ الأشخاص المتيقظين والمُتنبِّهين)، ومظهر شبكيَّة العين.تتوسَّع الحدقتان عادةً عندما يكون الضوءُ خافتًا، وتنقبضان عندما يكون الضوء مسلّطًا عليهم.ولكن، قد لا تستجيب الحدقتان بشكل طبيعي للضوء عندَ المصابين بالغيبوبة.تساعد استجابة الحدقتين للضوء أو ما إذا كانا يستجيبان للأطباء على تحديد سبب الغيبوبة.

وللحصول على تقييمٍ دقيقٍ للشخص، يحتاج الأطباءُ إلى معرفة ما إذا كان الشخص يستعملُ دواءً لعلاج الزَّرَق glaucoma الذي يمكن أن يؤثِّر في حجم الحدقة، ويحتاجون عادةً إلى معرفة ما إذا كان حجمُ حدقتي الشخص مختلفًا بشكلٍ طبيعي.

كما يفحص الأطباءُ الجزء الدَّاخليَّ من العين باستخدام منظار العين للتَّحرِّي عن علاماتٍ تُشير إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة؛

إذا كانت النتائج تشير إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة، فسوف يقوم الأطباء بإجراء اختبارات التصوير على الفور للتحقق من وجود تورم، أو نزف، أو شذوذ تشريحي يمنع تدفق السَّائِل النخاعي، أو كتلة في الدماغ (مثل ورم، أو تجمع للدم، أو خراج).إذا أشارت نتائج اختبار التصوير إلى ازدياد الضغط، فقد يقوم الأطباء بحفر ثقب صغير في الجمجمة وإدخال جهازٍ في أحد الأحياز المملوءة بالسوائل (البُطينات) في الدماغ.يُستخدم هذا الجهاز لخفض الضغط ومراقبته في أثناء العلاج.

يمكن لردَّة فعل الشخص لبعض المناورات أن تساعدَ الأطباء على معرفة ما إذا كان جذع الدماغ يعمل بشكلٍ طبيعي:

  • تدوير الرأس ومراقبة حركات العين.

  • إذا كان الشخصُ فاقدًا للوعي، يُسكَبُ الماء المبرد بالثلج برفق في إحدى الأذنين ثمَّ يُسكبُ في الأذن الأخرى وتُراقَب حركات العين (يُسمَّى ذلك الاختِبار الحَرورِيّ caloric testing)

يقتصر إجراءُ الاختبار الحروري على الأشخاص فاقدي الوعي الذين يتعذَّر قيام الأطباء بفحص حركات العين عندهم بأيَّة طريقة أخرى.أمَّا سُكِب الماءُ المبرد بالثلج في أذن الأشخاص الواعين فقد يؤدي إلى شعورهم بدوارٍ وغثيانٍ وقيءٍ بشكل شديد.

الاختباراتُ المعمليَّة

توفِّر هذه الاختباراتُ مزيدًا من الأدلَّة حول السبب المُحتمل للذهول أو الغيبوبة؛

حيث تُقاس المستويات الدَّمويَّة لموادٍ مثل السكر والكهارل (الصوديوم مثلًا) والكحول والأكسجين والمعادن (مثل المغنزيوم) وثنائي أكسيد الكربون.قد تُشير المستوياتُ المرتفعة من ثنائي أكسيد الكربون إلى وجود ضَعفٍ في تنفُّس الشَّخص ووجود ضرورة إلى استعمال التهوية الميكانيكية.ويُجرى اختبارٌ لتحديد عدد خلايا الدَّم الحمر والبيض.كما تُجرى اختباراتٌ دمويَّة للتَّحرِّي عن وظائف الكبد والكلى.

ويجري تحليلُ البول للتَّحرِّي عن وجود أيَّة مواد سامة شائعة الاستخدام أو مُشتَبهٌ في وجودها.ويمكن إرسالُ عيِّنات من الدَّم والبول إلى المختبر لاستنباتها (زرع أيَّة مكروبات موجودة) للتَّحرِّي عن حالات العدوى.

ويقيسُ الأطباءُ مستوى الأكسجين في الدَّم بواسطة مِجَسٍّ يُوضَعُ على الإصبع (يُسمَّى قِياس التَّأَكسُج النَّبضيِّ called pulse oximetry).كما يقيسون مستوياتِ الأكسجين وثنائي أكسيد الكربون، وفي بعض الأحيان غازات أخرى، في عيِّنة دمويَّةٍ مسحوبةٍ من الشريان (اختبارات غازات الدَّم الشرياني arterial blood gas tests).تُُجرَى هذه الاختباراتُ للتَّحرِّي عن اضطرابات القلب والرئة.

ويمكن إجراءُ اختباراتٍ معمليَّة أُخرى وفقًا لأسباب حدوث الغيبوبة التي يشتبه فيها الأطباء.

الاختباراتُ الأخرى

يُجرى تَخطيطُ لكَهرَبِيَّةِ القَلب (ECG) للتَّحرِّي عن اضطرابات القلب التي قد تقلِّل من جريان الدم إلى الدماغ.كما يمكن تصويرُ الصدر بالأشعَّة السِّينية للتحقُّق من وجود خلايا ابيِضَاض الدَّم في المنطقة المحيطة بالرئتين.

إذا لم يُعرَف السبب بسرعة، فإنَّه يُجرى تصويرٌ مقطعيٌّ محوسب (CT) أو تصويرٌ بالرنين المغناطيسي (MRI) للرأس للتَّحرِّي عن وجود كتلة، أو نزف، أو تورم، أو ضرر دماغي تشريحي آخر.

وإذا لم يتَّضح السَّببُ بعدَ إجراء الاختبارات التَّصويريَّة أو عند الاشتباه في وجود إصابة بالتهاب السَّحايا أو بنزفٍ بين طبقات الأنسجة التي تُغطِّي الدِّماغ (نزف تحت العنكبوتية)، فقد يُجرى بزلٌ شوكيٌّ (بزل قطني) لسحب عيِّنةٍ من السَّائِل النخاعي.ويُفحَص السَّائِل وتحليله للتَّحرِّي عن الأَسبَاب المختلفة.يُصوَّر الرأسُ بالتصوير المقطعي المُحوسب CT أو بالرنين المغناطيسي MRI عادةً قبل إجراء البزل الشوكي لمعرفة ما إذا كان الضغط داخل الجمجمة قد ازداد (الضغط داخل القحف)— نتيجة وجود ورمٍ أو نزفٍ داخل الدِّماغ (النَّزف داخل المخ).إذا ازداد الضغط، فقد يكون البزل النخاعي خطيرًا ولا ينبغي إجراؤه.قد يؤدي إلى سحب الدماغ نحو الجوانب والأسفل عند حدوث انخفاضٍ سريعٍ في الضَّغط تحت الدِّماغ، وبذلك يتسبَّبُ - نظريًّا على الأقل - في تفاقم انفتاق الدِّماغ.ولكن، يكون الانفتاق بعد البزل الشوكي غير شائع نسبيًا.في حال تزايد الضغط داخل القحف، فسوف تجري مراقبته بشكل مستمر وتُتخذ تدابير لإنقاصه.

إذا اشتبه الأطباء بأن الاختلاجات هي سبب ضعف الوعي أو إذا كان السبب غير واضح بعد إجراء اختبارات أخرى، فيمكن إجراء تَخطيطٍ لكَهرَبِيَّةِ الدِّماغ (EEG) للتَّحرِّي عن النشاط الدماغي الكهربائي الذي قد يكون مضطربًا إذا لم يكن الدماغ يعمل بشكلٍ طبيعي.يُشير تَخطيطُ كَهرَبِيَّةِ الدِّماغ EEG في بعض الأحيان إلى أنَّ الشخص يعاني من اختلاجات رغم عدم نفضان الأطراف (اضطراب يسمى الحالَةٌ الصَرعِيَّة من دُونِ اِختِلاج nonconvulsive status epilepticus).في بعض الأحيان، عندما يبدو الشخص الذي لديه مشاكل سلوكية أو نفسية غير مستجيب، يُجرى تخطيط كهربية الدماغ EEG مع مراقبة الفيديو في المستشفى.يُجرى هذا الاختبار لتحديد ما إذا كانت وظيفة الدماغ طبيعية، ويمكن لنتائج الاختبار أن تساعد الأطباء على تحديد المشكلة ومعالجتها بشكل مناسب.

مآل الذُّهول والغيبوبة

بشكل عام، يُرجَّح أن يتعافى الأشخاص المصابون بضعف في الوعي إذا بدأوا في الاستجابة للأصوات، أو اللَّمس، أو غير ذلك من المُنبِّهات في غضون 6 ساعات.كما يُحتَملُ أن يحدث التَّعافي عند حدوث واحدٍ أو أكثر من الأمور التالية خلال الأيَّام الأولى:

  • عودة القدرة على الكلام حتَّى إن كان غيرَ مفهومٍ.

  • قدرة العينين على متابعة حركة الأشياء.

  • قدرة المرضى على اتّباع الأوامر.

  • ارتخاء العضلات المتقلِّصة وعودة توتُّر العضلات الى طبيعته.

كما يعتمد احتمالُ حدوث الشفاء على سبب ومدة ضَعف الوعي، كما في الحالات التالية:

  • استعمال جرعة زائدة من المهدِّئات: يُرجَّح حدوث التعافي من هذه الحالة ما لم يتوقَّف تنفُّس الأشخاص لفترةٍ طويلةٍ كافيةٍ لأن تتسبَّبَ في تضرُّر الدِّماغ.

  • انخفاض مستوى السكّر في الدَّم: قد يكون الشفاء كاملًا إذا لم يُحرَم الدماغ من السكر لأكثر من ساعة واحدة تقريبًا.

  • إصابة الرأس: يمكن أن تتعافى الإصابة بشكلٍ كبيرٍ حتى لو استمرَّت الغيبوبة عدة أسابيع (ولكن ليس إذا استمرت أكثر من ثلاثة أشهر).

  • السكتة الدماغية: يُحتَملُ حدوث ضرر دائم في الدماغ إذا استمرت الغيبوبة لمدة 6 ساعات أو أكثر.

  • العدوى: يُحتمل أن يَشفَى الأشخاص بشكلٍ كاملٍ إذا جرى البدء بمعالجتهم مباشرةً.

قد يكون لوجود اضطراب آخر (مثل داء السُّكَّري، أو ارتفاع ضغط الدَّم، أو اضطراب في الرئة أو القلب)، إذا كان شديدًا، تأثير سلبي على الشفاء.كما يمكن لقضاءَ وقتٍ طويل في وحدة العناية المركزة أن يسبِب مشاكل مثل ضَرَر الأعصاب، والضعف العضلي، والانصمام الرئوي، وقرحات الانضغاط، وعدوى المسالك البولية.

من النَّادر حدوثُ الشفاء الكامل بعدَ توقف القلب إذا حدث أيٌّ ممَّا يلي:

  • بعض الاضطرابات، مثل اضطرابات القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو داء السُّكَّري

  • الغيبوبة لأكثر من 6 ساعات

  • حركات عضلية غير مقصودة (لا إرادية) (نفضات عضلية عادةً)

  • امتداد غير طبيعي للأطراف (صمَل فصل الدماغ) أو عدم الاستجابة للتحفيز المؤلم

  • عدم حدوث ردَّة فعلٍ للحدقتين تجاه الضوء بعد 1 إلى 3 أيام.

  • الاختلاجات التي تحدث في غضون 24-48 ساعة بعد توقف القلب وتعاود الحدوث بشكلٍ متكرر

إذا كان الأشخاص لا يستطيعون تحريكَ أطرافهم بعدَ السكتة القلبية، فإن الشفاء يكون صعبًا.

ولكن، إذا كان الأطباءُ قد استخدموا التبريد لعلاج الأشخاص بعد توقُّف القلب، فإنَّهم ينتظرون ثلاثة أيام إضافية حتى تحدث ردَّات الفعل هذه عادةً.قد يؤدي تبريدُ الجسم إلى الحفاظ على وظيفة الدماغ بعد النوبة القلبية، ولكنه يميل إلى إبطاء استعادة وظائف الدماغ أيضًا.

يستعمل الأطباءُ في بعض الأحيان اختبارًا يُسمَّى الاستجابات المُستثارة الحسية الجسدية لمعرفة إمكانيَّة قيام جذع الدماغ أو نصفي الكرة المُخِّيَّة بوظائفها.ولإجراء هذا الاختبار، يجري وضعُ الأقطاب الكهربائية التي تنتج إشارة كهربائية خفيفة على أجزاء من الجسم ويُستعمل مُخطَّط كهربيَّة الدِّماغ EEG لكشف وتسجيل المدة التي تستغرقها الإشارة الكهربائية للوصول إلى الدماغ؛وبشكلٍ مشابه، تستخدم الاستجابات المستثارة السمعية أصواتًا نقرية في كل أذن لاختبار ما إذا كانت الإشارات السمعية تصل إلى الدماغ.فإذا تكرر عدم وصول إشارات الاستجابة المستثارة إلى الدماغ، فإنَّ المآل يميل إلى أن يكون ضعيفًا.

ويتعافى الأطفالُ، والشباب أحيانًا، بشكلٍ كاملٍ أكثرَ من كبار السِّنِّ لأنَّ خلايا الدِّماغ تُرمِّم نفسها بسرعة أكبر وبشكل كامل عند الشباب.

وبالنسبة للأشخاص الذين يستمرُّون في غيبوبة عميقة لمدة تزيد على بضعة أسابيع، ينبغي اتخاذ قرارات بشأن الاستمرار في استعمال المُنفِّسة وأنبوب التغذية والأدوية.ويجب على أفراد العائلة مناقشة هذه الأمور مع الأطباء.وإذا كان عندَ الأشخاص توجيهاتٌ طبيَّةٌ مُسبَقة، مثل وصية الحياة أو تفويض رسمي دائم للرعاية الصحية، يجب أن تُؤخَذ هذه التوجيهات المُتعلِّقة بقرارات الرعاية المستمرة بعين الاعتبار.

علاج الذُّهول والغيبوبة

  • تدابير لمساعدة الأشخاص على التنفُّس وتحسين جريان الدَّم إلى الدّماغ

  • معالجة السبب

المعالجة الفوريَّة

يجب معالجةُ الشخص الذي حدث عنده تراجعٌ سريعٌ في تيقّظه، وازدادت صعوبة استثارته مباشرةً، وقبلَ وضع التَّشخيص في كثيرٍ من الأحيان.ويُعَدُّ هذا التدهورُ السريع في الوعي حالةً طبيَّةً طارئة.

تجري الخطواتُ الأولى من المعالجة من قِبَل موظَّفي الرِّعاية الطبيَّة الإسعافيَّة في بعض الأحيان، وذلك للتَّحرِّي عن:

  • ما إذا كان السبيل التنفُّسي مفتوحًا

  • مدى كفاءة التَّنفُّس

  • ما إذا كانت حالة النبض وضغط الدَّم ومُعدَّل ضربات القلب طبيعية (للتأكد من وصول الدَّم إلى الدِّماغ)

يَجرِي تصحيحُ أيَّة مشاكل موجودة إن أمكن.

يُعالج المرضى في قسم الطوارئ في البداية، ثمَّ يجري إدخالهم إلى وحدة الرِّعاية المُركَّزة في المستشفى.تقوم المُمرِّضاتُ في القسمين بمراقبة مُعدَّل ضربات القلب وضغط الدَّم ودرجة الحرارة ومستوى الأكسجين في الدَّم.ويجري تصحيحُ أيَّة شذوذاتٍ في هذه القياسات مباشرةً لمنع حدوث المزيد من الضَّرر في الدِّماغ.يُستعمَلُ الأكسجين مباشرةً في كثيرٍ من الأحيان، ويجري إدخال أنبوب في الوريد (خط وريدي) بحيث يمكن استعمال الأدوية أو السكر (الغلوكوز) بسرعة.

وينبغي، عندَ معاناة الأشخاص من ارتفاع أو انخفاضٍ شديدين في درجة حرارة الجسم، اتخاذ إجراءات لتبريدهم (معالجة ضربة الحرارة) أو لتدفئتهم (معالجة انخفاض الحرارة).وتُعالج أيَّة اضطراباتٍ أخرى (مثل اضطرابات القلب أو الرئة) إن وُجِدت.

يُراقب ضغط الدَّم عن كثب للتأكُّد من عدم ارتفاعه أو انخفاضه بشكل شديد.يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يزيد من ضعف الوعي، ويُفضي إلى مشاكل أخرى، مثل السكتة الدماغية.يمكن لانخفاض ضغط الدم أن يُضعف الوعي لأن الدماغ لا يحصل على كمية كافية من الدم والأكسجين.

معالجةُ السَّبب

يُعالج سبب الذهول أو الغيبوبة إن أمكن ذلك.

يُعالَج انخفاضُ مستوى السكر في الدَّم من خلال تسريب الغلُوكُوز (السكّر) مباشرةً عن طريق الوريد.يؤدي استعمالُ الغلوكوز إلى التعافي الفوري غالبًا إذا كانت الغيبوبة ناجمة عن انخفاض مستوى سكر الدَّم.ويجري استعمالُ الثيامين بشكلٍ دائم مع الغلوكوز، لأنَّ الاقتصار على استعمال الغلوكوز عند الأشخاص الذين يُعانون من نقص التغذية (بسبب تعاطي الكحول عادةً) قد يؤدي إلى تحفيز أو تفاقم اضطرابٍ دماغيٍّ يُسمَّى اعتِلاَل فرنيكه الدِماغِي.

اذا كانت إصابة الرأس هي السبب، فيجب تثبيت الرقبة إلى أن يتمكَّن الأطباء من التَّحرِّي عن وجود ضررٍ في العمود الفقري.يستفيدُ بعضُ الأشخاص الذين أُصيبوا بذهولٍ أو غيبوبة بعد تعرُّضهم لإصابةٍ في الرأس من المعالجة بأدوية يمكن أن تساعدَ على عمل الخلايا العصبية بشكل أفضل، مثل الأمانتادين amantadine .يمكن لهذه المُعالجة أن تساعد الأشخاص على استعادة مستوى ما من الوظائف بسرعة أكبر؛إلَّا أنَّ هذه المُعالجة قد لا تُحدِثُ أيَّ فرقٍ في التَّحسُّن على المدى الطويل.

وإذا اشتُبهَ بجرعة أفيونية مفرطة، فقد يُعطى ترياق نالوكسون.يمكن أن يحدثَ التَّعافي بشكل مباشر تقريبًا إذا كان الأفيون هو السبب الوحيد لاضطراب الوعي.إذا كان الأشخاص يستعملون المواد الأفيونية، فقد يصف لهم الطبيب حاقنًا تلقائيًا للنَّالوكسون؛حيثُ يُمكّن هذا الجهازُ أحدَ أفراد العائلة أو غيرهم من مقدمي الرعاية من الاستعمال الفوري للنالوكسون عند الاشتباه بجرعة أفيونية مفرطة.

وفي حالاتٍ نادرة، عندما يكون الشخصُ قد تناول مواد سامَّة مُعيَّنة، يمكن للأطبَّاء وخلال الساعة التالية تقريبًا إدخال أنبوب كبير عبر الفم إلى المعدة حتى يمكن ضخُّ محتوى المعدة.يجري ضخُّ محتوى المعدة لمعرفة طبيعة محتوياتها، ومنع امتصاص المزيد من المواد.كما يمكن إعطاءُ الفحم المنشط activated charcoal من خلال الأنبوب أو من خلال أنبوب أصغر يجري إدخاله عبر الأنف (أُنبوبٌ أَنفِيٌّ مَعِدِيّ)؛حيثُ يمنع الفحمُ امتصاصَ المعدة للمزيد من المواد.

معالجةُ لضبط التنفُّس

يحتاج الأشخاص في حالة الذهول العميق أو الغيبوبة العميقة عادةً إلى استخدام أنبوب التنفُّس والتهوية الميكانيكية.تُعد التهوية الميكانيكية هامة بشكل خاص إذا كان التنفُّس بطيئًا أو ضحلًا جدًا أو معتلًا بطريقة ما (على سبيل المثال، نتيجة تضرُّر الدِّماغ أو حدوث خللٍ في وظائفه).

يُدخَل أنبوبُ التنفُّس عبر الفم إلى الرغامى - يُسمَّى ذلك التنبيب الرغامي.يُمرر الأكسجين إلى الرئتين مباشرةً من خلال الأنبوب.كما يمنع الأنبوب الأشخاص من استنشاق محتويات المعدة بعد التقيؤ.قبل إدخال الأنبوب، قد يرش الأطباء حلق الشخص برذاذ مخدر أو يعطونه دواءً لمنع تقلص العضلات بشكل لا إرادي (دواء شللي).يجري وصل أنبوب التنفس بعد ذلك إلى ■جهاز التهوية الميكانيكية■.

يمكن للتهوية الميكانيكية أن تُسبب التهيج، والذي يمكن معالجته باستخدام عمهدئ.

علاج ارتفاع الضغط داخل الجمجمة

إذا ارتفع الضغط داخل الجمجمة (الضغط داخل القحف)، فيمكن اتخاذ التدابير التالية لخفضه:

  • يمكن رفع رأس السرير.

  • ويمكن استخدامُ التهوية الميكانيكية لمساعدة الأشخاص على التنفُّس بشكلٍ أسرع (تُسمى التهوية المفرطة)، خُصوصًا خلال النصف ساعة الأولى من استخدامه.يزيد التنفُّسُ السريع من كمية ثاني أكسيد الكربون التي تخرج من الرئتين، وينقِص مستواه في الدم.ونتيجة لذلك، تتضيّق الأوعية الدموية في الجزء غير المتضرّر من الدماغ، وتصل كمّية أقلّ من الدَّم إلى الدماغ.يؤدي هذا الإجراءُ إلى خفض الضغط داخل الجمجمة بسرعة ولكن بصورة مؤقتة (لمدة 30 دقيقة تقريبًا)، ولا يُسبب المزيدَ من الضرر للدماغ.يمنح خفض الضغط لبعض الوقت الأطباء الوقت للبدء في معالجة السبب - على سبيل المثال، لإجراء جراحة دماغية طارئة.

  • يمكن استعمالُ مُدرَّات البول أو أدوية أخرى لتقليل كميَّة السوائل في الدماغ وبقية الجسم؛حيثُ تُساعد مُدرَّاتُ البول على طرح السوائل الزائدة من خلال جعل الكلى تطرح المزيد من الصوديوم والماء في البول.

  • يمكن استعمالُ المُهدِّئات للتَّحكُّم في التقلصات العضليَّة اللاإرادية الزائدة، أو التهيج الناجم عن التهوية الميكانيكية.يمكن لهذه المشاكل أن تزيد الضغط داخل الجمجمة.

  • يُخفض ضغط الدم إذا كان مرتفعًا جدًّا.

  • يقوم الأطباء في بعض الأحيان بإدخال مُصرِّف (تحويلة) في بطينات الدماغ لتصريف السَّائِل النخاعي.يمكن للتخلص من السائل الزائد أن يساعد على خفض الضغط داخل الجمجمة.

قد يكون من المفيد معالجةُ ارتفاع الضَّغط النَّاجم عن وجود ورم أو خُراج في الدِّماغ من خلال استعمال الستيرويدات القشريَّة، مثل ديكساميثازون؛ في تخفيف الضَّغط؛إلَّا أنَّه لا تُستعمَل الستيرويدات القشريَّة عندما يكون ارتفاع الضَّغط ناجمًا عن اضطراباتٍ أخرى، مثل النَّزف داخل الدِّماغ أو السكتة الدِّماغيَّة، لأنَّ استعمالَ الستيرويدات القشريَّة قد يُفاقم هذه الحالات.

وعند فشل التدابير الأخرى، قد يجري تجريب ما يأتي:

  • عندما يزداد الضغطُ داخل الجمجمة بعدَ إصابة في الرأس أو توقُّف القلب، قد تُتخذ تدابير لخفض درجة حرارة الجسم.يمكن لهذه التدابير أن تفيد بعض الأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية.ولكن، استخدام هذا الإجراء محط جدل.

  • يمكن استعمالُ بنتوباربيتال (أحد الباربيتورات) للحدّ من جريان الدَّم إلى الدماغ ومن نشاطه.يمكن لهذه المعالجة أن تُحسِّن المآل عندَ بعض الأشخاص.ولكنه لا يفيد كل المرضى، وقد يُسبّب تأثيرات جانبية، مثل انخفاض ضغط الدَّم واضطرابات نظم القلب؛

  • قد تُفتَح الجمجمةُ جراحيًّا عند فشل الإجراءات الأخرى، ممَّا يُوفِّر حيِّزًا أوسع للدماغ المُتورِّم، وبذلك يقلّ الضغط على الدماغ.يمكن لهذا العلاج أن يمنع الوفاة، ولكنّه قد لا يحسّن من القدرة الوظيفية للشخص.

الرِّعايَة الطويلة الأمد

يحتاج المرضى المُصابون بغيبوبة إلى رعايةٍ شاملة؛حيث تجري تغذيتُهم من خلال إدخال أنبوبٍ عبرَ الأنف إلى المعدة (يُدعى الإطعام بالأنبوب tube feeding).وتجري تغذيتُهم في بعض الأحيان عبرَ أنبوب يجري إدخاله مباشرةً إلى المعدة من خلال شِقٍّ في البطن.كما يمكن إعطاءُ الأدوية من خلال هذه الأنابيب.

يحدث عددٌ من المشاكل نتيجة عدم القدرة على التحرّك (قلة الحركة)، ولذلك من الضَّروري اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية منها (انظر المشاكل بسبب الراحة في الفراش)؛فقد يحدث ما يأتي على سبيل المثال:

  • قرحات الضَّغط: يمكن أن يؤدي الاستلقاءُ في وضعيَّة واحدة إلى قطع التَّغذية الدَّمويَّة إلى بعض مناطق الجسم، ممَّا يتسبَّبُ في تشقُّق الجلد وتشكُّل قرحات الضغط.

  • ضعف العضلات: عندما لا تُستخدم العضلات فإنها تُصبِحُ ضعيفة وتضمر.قد يعاني الأشخاصُ المصابون بضعف العضلات من صعوبة في التنفس التلقائي عندَ نزع جهاز التنفس الاصطناعي (المنفِّسة).

  • التَّقفُّعات: يمكن لقلَّة الحركة أن تؤدي أيضًا إلى حدوث تيبُّسٍ وقِصَر دائمٍ في العضلات، ممَّا يُسبِّبُ حدوث انحناءٍ دائمٍ في المفاصل.

  • الجلطات الدَّمويَّة: تزيد قلَّة الحركة من احتمال تشكُّل جلطاتٍ دمويَّة في أوردة الساق.يمكن أن للجلطات الدموية أن تتجزأ، وتنتقل إلى الرئتين، وتَسُدَّ الشرايين هناك (تُسمَّى الحالة الانصِمام الرِِّئَوِيّ).

  • ضرر في عضلات وأعصاب الذراعين والساقين: يمكن لقلة الحركة أو الاستلقاء في وضعية واحدة لفترة طويلة أن تؤدي إلى الضغط على العصب الذي يمر بالقرب من سطح الجسم بجانب أحد العظام البارزة، مثل أحد أعصاب المرفق، أو الكتف، أو المعصم، أو الركبة.يمكن لمثل هذا الضغط أن يُلحق الضرر بالعصب.ونتيجة لذلك، يتراجع أداء العضلات التي يتحكم بها العصب.

يمكن الوقاية من قرحات الضغط بالتغيير المتكرر لوضعية الشخص، ووضع وسادات وقائية تحت أجزاء الجسم التي تلامس السرير، مثل الكعبين، لحمايتها.

وللوقاية من حدوث هذه المشاكل، يقوم المعالجون الفيزيائيون بتحريك مفاصل الشخص بلُطفٍ في جميع الاتجاهات (تمارين لافاعلة ضمن مجال الحركة passive range-of-motion exercises) أو المفاصل المجبَّرة في وضعيات معيَّنة.يمكن للبدء في العلاج الطبيعي في وقت مبكر أن يفيد الأشخاصَ الذين لم يتمكنوا من التعافي واستعادة الوظيفة الحركية.

تنطوي الوقايةُ من الجلطات الدَّموية على استخدام الأدوية وضغط ساقي الشخص أو رفعهما.كما قد يساعد تحريكُ الأطراف، مثلما يحدث في التمارين اللافاعلة ضمن مجال الحركة، على منع تجلّط الدم.

قد تُصاب عينا الأشخاص بالجفاف نتيجة عجزهما عن القيام بالرَّمش.ولذلك، يمكن أن يكونَ استعمالُ القطرات العينيَّة مُفيدًا.

ينبغي المحافظة على نظافة وجفاف جلد الأشخاص المُصابين بالسلس.يمكن عندَ عدم قيام المثانة بوظيفتها وحدوث احتباسٍ للبول وضعُ أنبوبٍ (قثطرة) في المثانة لتصريفه.ويجري تنظيفُ القثاطير بدقة وفحصها بانتظام للوقاية من حدوث حالات عدوى في المسالك البولية.

بعض الأمور الأساسية التي تخص كبار السن: الغيبوبة والذهول

يشكّل اضطرابُ الوعي، بما في ذلك النُّوَام والذهول والغيبوبة، مصدر قلقٍ خاص عند كبار السن للأسباب التالية:

  • تغيُّرات الدماغ المرتبطة بالعمر: مع التقدم في العمر، يتناقص عدد الخلايا العصبية في الدماغ وتتراجع كمية الدم المتدفقة إليه.ونتيجة لذلك، تصبح الأدوية أكثر ميلًا إلى أن تؤدي إلى إضطراب الوعي والوظيفة الذهنية عند كبار السنّ، لأن الوظيفة الدماغية تصبح أبطأَ وأقلَّ قدرةً على تعويض تأثيرات الدواء في الدماغ.كما تُصبح الأوعية الدموية في الدماغ أكثر هشاشة، ممَّا يزيد من خطر السكتة الدماغية.

  • التغيُّرات الأخرى المرتبطة بالعمر: التغيُّرات في أجزاء أخرى من الجسم تجعل كبارَ السِّنِّ أكثرَ حساسية لتأثيرات الأدوية؛فمثلًا، ومع تقدّم العمر، تنخفض قدرةُ الكلى على طرح الأدوية في البول وتنخفض قدرة الكبد على تفكيك (أو استقلاب) الكثير من الأدوية.وهكذا، تنقص سرعة طرح الأدوية من الجسم.يمكن أن تبقى كمية أكبر من الدواء في الدَّم، وقد تبقى لفترةٍ أطول.وقد تصل بعد ذلك كميّةٌ أكبر من الدواء إلى الدماغ وتؤثِّر في وظائفه.ونتيجةً لذلك، يمكن لجرعةٍ منخفضةٍ من أحد الأدوية أن تجعل كبار السن يشعرون بالتَّخليط الذهني أو بالنعاس.لذلك يحتاج كبارُ السن إلى استعمال جرعةٍ أقل من الجرعة المعتادة غالبًا.

  • استعمال الكثير من الأدوية: يستعمل الكثير من كبار السن عددًا من الأدوية (يُسمَّى ذلك كثرة استعمال الأدوية polypharmacy)، لإصابتهم باضطرابٍ أو أكثر من الاضطرابات المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدَّم أو داء السُّكَّري أو التهاب المَفاصِل.يزيد استعمالُ الكثير من الأدوية من خطر حدوث تداخلات دوائيَّة، ممَّا قد يؤثر سلبًا في الدماغ؛فمثلًا، قد يؤدي استعمالُ أحد الأدوية إلى زيادة مستوى دواءٍ آخر.

  • جدول الأدوية المُعقَّد: بالإضافة إلى ذلك، إذا اضطر كبارُ السن إلى استعمال عددٍ من الأدوية، فقد يكون جدولُ استعمالها معقَّدًا.ونتيجةً لذلك، يزداد احتمال حدوث أخطاء، وقد يستعملون جرعات مفرطة جدًا أو متدنية جدًا من الأدوية.

  • تأثير الاضطرابات البسيطة: من المرجَّح أن تؤدي الاضطرابات البسيطة نسبيًّا، مثل عدوى السبيل البولي أو التجفاف، إلى اضطراب الوعي عند كبار السن مقارنةً بإصابة الأشخاص الأصغر سنًّا.

  • وجود اضطرابات أخرى: يمكن للكثير من الاضطرابات التي من الشائع حدوثها عند كبار السن أن تُضعِفَ الوعي.وهي تشتمل على السكتات الدماغية وأورام الدماغ والانتفاخات في الشرايين الضعيفة (أُمَّات الدَّم) في الدماغ والاضطرابات الاستقلابيَّة والاضطرابات الرئوية الشديدة وحالات العدوى الشديدة وفشل القلب.تزيد اضطرابات أخرى (مثل داء السكري) من خطر ضعف الوعي إذا حدثت مشكلة أخرى (مثل التجفاف أو العدوى).

  • زيادة خطر السقوط وإصابة الرأس: يُواجه كبار السن زيادةً في خطر إصابة الرأس بعد السقوط أو التعرض لحادث سيارة.قد تحدث الإصابة عندما يتعرض الدماغ للارتجاج أو عندما تتمزق الأنسجة، مما يؤدي إلى حدوث نزف داخل الجمجمة.غالبًا ما ينجم الورم الدموي تحت الجافية (النزف بين الطبقة الخارجية والوسطى من الأنسجة التي تغطي الدماغ) من الإصابات المماثلة.بالإضافة إلى ذلك، فإن الدماغ يتقلص مع التقدم في العمر، ممَّا يؤدي إلى تمطيط الأوعية الدموية بين الطبقات.ونتيجة لذلك، قد تتمزق الأوعية الدموية وتنزف.

  • التعرُّض للسموم طيلة الحياة: يمكن أن يؤدي التعرض للسموم الموجودة في الأطعمة والوسط المحيط على مدى الحياة إلى ضَرَر خلايا الدماغ، ويزيد من خطر ضعف الوعي.

  • صعوبة تمييز اضطراب الوعي: قد يكون من الصعب تمييز اضطراب الوعي عند كبار السن.إذا أصبح كبارُ السن أقل تنبُّهًا أو أقل وعيًا للأشياء المحيطة بهم، فقد لا يلاحظ أفراد العائلة والأصدقاء أو قد يفترضون بأنَّ التغيير ناجمٌ عن الشيخوخة.(ضَعف أو اضطراب الوعي ليس جزءًا طبيعيًّا من الشيخوخة).كما قد يكون من الصعب تمييز التغيُّر في الوعي عند كبار السن المُصابين بالخرف أو باضطرابٍ دماغيٍّ آخر أو الذين أُصيبوا بسكتة دماغية.

  • القدرة على التعافي: من غير المرجَّح كثيرًا أن يتعافى كبار السن من الذُهولٌ أو الغيبوبة، لأنَّ الدماغَ يصبح أقلَّ قدرةً على إصلاح نفسه مع التَّقدُّم في العمر.

من الشائع أن يَضطرب الوعي عند كبار السنِّ بسبب تأثيرات الأدوية والتجفاف وحالات العدوى.

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID