يُعدُّ الشعور بألمٍ خفيفٍ في البطن من الحالات الشائعة غالبًا.بينما يُشيرُ ألم البطن الشديد والمفاجئ إلى وجود مشكلة كبيرة دائمًا.قد يكون الألم هو العلامة الوحيدة على ضرورة إجراء جراحة ويجب معالجته بسرعة.قد يعاني كبار السن والأشخاص المصابون بعدوى فيروس العوز المناعي البشري أو الذين يستعملون مثبطات المناعة (بما في ذلك الستيرويدات القشريَّة) من آلام في البطن أقل من البالغين الأصغر سنًا أو الأصحاء الذين يعانون من اضطرابٍ مماثل، فقد يتطور الألم بشكلٍ تدريجي حتَّى إذا كانت الحالة خطيرة.قد يُعاني الأطفال الصغار، لاسيَّما المواليد الجدد والرُّضَّع، من ألمٍ في البطن، ولكنهم غير قادرين على إيصال سبب انزعاجهم.
أنواع ألم البطن
تختلف أنواع ألم البطن باختلاف العضو المُصاب.
يكون مصدرالألم الحَشَوي الأعضاء الموجودة داخل جوف البطن (التي تسمى الأحشاء viscera).لا تحدث ردَّة فعلٍ عند حدوث قطع أو تمزُّق أو التهاب في الأعصاب الحَشَويَّة.إلَّا أنَّه تحدث ردَّة فعل عصبيَّة عند حدوث تمطُّط في العضو (كما هيَ الحال عندما تتمطَّط الأمعاء عند وجود الغازات) أو في العضلات المحيطة والمتَّصلة به.يُعدُّ الألم الحَشَوي من الآلام المُبهمة والكليلة والمُثيرة للغثيان.قد يكون من الصَّعب تحديد مكانه.ألم أعلى البطن النَّاجم عن اضطرابات في الأعضاء مثل المعدة والاثناعشري والكبد والبنكرياس.ألم منتصف البطن (القريب من السرة) النَّاجم عن اضطرابات في البُنى مثل الأمعاء الدقيقة والجزء العلوي من القولون والزائدة الدودية.ألَم أسفل البَطن النَّاجم عن اضطرابات في الجزء السفلي من القولون وأعضاء في السبيل البولي التناسلي.
الألم الجسدي النَّاجم عن الغشاء (الصِّفاق peritoneum) المُبطِّن لجوف البطن (التجويف البريتوني peritoneal cavity).وخلافًا للأعصاب الموجودة في الأعضاء الحشوية، يكون لأعصاب الصفاق ردَّة فعلٍ عند حدوث قطع وتهيُّج ( من الدَّم أو العدوى أو المواد الكيميائية أو الالتهاب على سبيل المثال).يكون الألم الجسدي شديدًا ويسهُل تحديد موضعه إلى حدٍّ ما.
الألم الرَّجيع هو الألم الذي يشعر به الشخص في مكانٍ بعيدٍ عن مصدره ( انظر الشكل: ما هو الألم الرجيع؟).فمثلًا، قد يشعر الشخص المصاب بمرضٍ في المرارة بالألم في الكتف.حيث يكون مصدر الألم هو المرارة التي تتوضَّع في البطن، ولكن يُشعَرُ بالألم في الكتف.
ما هو الألم الرجيع؟
الألم الرجيع هو الألم الذي يشعر به الشخص في إحدى مناطق الجسم ولا يشير دائمًا إلى موضع المشكلة، لأن هذا الألم انتشر إلى تلك المنطقة من منطقة أخرى.على سبيل المثال، يمكن للألم الناجم عن نوبة قلبية أن يظهر بشكل ألم قادم من الذراع، وذلك لأن المعلومات الحِسِّيَّة القادمة من القلب والذراع تلتقي على نفس المسارات العصبية في الحبل الشوكي. |
التهاب الصِّفاق
التهاب الصِّفاق هو التهاب التجويف البريتوني.يُسبِّبُ هذا الالتهاب ألمًا شديدًا ويشير دائمًا تقريبًا إلى وجود اضطرابٍ شديد الخطورة أو مُهدِّد للحياة.ويمكن أن ينجم عن أيِّ مشكلةٍ موجودةٍ في البطن نتيجة إصابة الأعضاء بالتهاب أو بعدوى.وتشتمل الأمثلة الشائعة على التهاب الزائدة appendicitis و التهاب الرَّتج diverticulitis والتهاب البنكرياس pancreatitis.كما يُسبِّبُ الدَّم وسوائل الجسم (مثل محتويات الأمعاء أو البول) تهيُّجًا شديدًا عند تسرُّبها إلى التجويف البريتوني ويمكن أن تتسبَّبَ بالإصابة بالتهاب الصِّفاق.وتنطوي الاضطرابات التي تتسبَّبُ في حدوث تسرُّبٍ للدَّم وسوائل الجسم على حدوث تمزُّقٍ عضويٍّ تلقائي (مثل انثقاب الأمعاء أو حدوث حمل خارج الرحم متمزق) وحدوث إصابة شديدة في البطن.يكون الأشخاصُ الذين لديهم سوائل في التجويف الصِّفاقي (يُسمَّى هذا السائل استسقاء) مُعرَّضين لخطر الإصابة بالعدوى.تُسمَّى مثل هذه العدوى التهاب الصِّفاق الجرثومي التِّلقائي.
يتسبَّب التهاب الصِّفاق في حدوث تسرُّبٍ للسائل إلى تجويف البطن خلال ساعاتٍ من حدوثه.وقد تحدث عند الشخص بعد ذلك إصابةٌ بالتَّجفاف ليدخل في حالة صدمة.قد تُؤثِّر المواد الالتهابية التي تحرَّرت في مجرى الدَّم في أعضاءً مختلفة، مُسبِّبةً حدوث التهابٍ رئويٍّ شديدٍ وفشلٍ كلويٍّ وكبديٍّ ومشاكلَ أخرى.من دون معالجة ناجحة، قد يقضي الأشخاص نحبهم.
أسباب ألم البطن الحاد
يمكن أن يحدث الألم نتيجةً لأسبَاب كثيرة، بما فيها الإصابة بالعدوى والالتهابات والقرحة وانثقاب أو تمزُّق الأعضاء والتَّقلُّصات العضليَّة غير المُنسَّقة أو المستمرَّة نتيجة حدوث انسداد، وتعطُّل جريان الدَّم إلى الأعضاء.
اضطرابات فوريَّة مُهدِّدة للحياة والتي تتطلَّب التَّشخيص السريع والجراحة، وتنطوي على:
تمزُّق أم الدَّم الأبهرية البطني
انسداد مجرى الدَّم إلى الأمعاء (نقص التروية المساريقي)
تنطويالاضطرابات الخطيرة المُلحَّة تقريبًاعلى
التهاب مفاجئ (حاد) في البنكرياس (التهاب البنكرياس)
يؤدِّي حدوث اضطرابات خارج البطن إلى الشعور بألمٍ في البطن أحيانًا.ومن الأمثلة على ذلك، حالات النوبات القلبية والالتهاب الرئوي وانفتال الخصية (التواء الخصية).وتشتمل المشاكل الأقلُّ شُيُوعًا التي تحدث خارج البطن والتي تُسبِّب ألمًا في البطن على الحُماض الكيتوني السكّري والبورفيرية وداء الكريَّات المنجلية وبعض اللدغات والسموم (مثل لدغة العنكبوت الأرملة السوداء أو المعادن الثقيلة أو التسمُّم بالميثانول وبعض لسعات العقرب).
يحدث ألم البطن عند حديثي الولادة والرُّضَّع والأطفال الصغار نتيجة لكثيرٍ من الأَسبَاب التي لا يتعرَّض لها البالغون (انظر الجدول ألم البَطن عند حديثي الولادة، والرُّضَّع، والأطفال الصغار).
تقييم ألم البطن الحاد
يمكن للمعلومات التالية أن تساعد الأشخاص على تحديد مدى حاجتهم إلى مراجعة الطبيب واستشارته، وتساعدهم على توقُّع ما سيحصل خلال الفحص والتقييم.
العَلامات التحذيريَّة
تكون بعض الأعراض والصفات التي تظهر عند الأشخاص الذين يُعانون من ألم البطن الحاد مثيرةً للقلق.وتشتمل على
الألم الشديد
علامات الصدمة (مثل، تسرُّع معدَّل ضربات القلب وانخفاض ضغط الدَّم والتَّعرُّق والتَّخليط الذهنِي)
علامات التهاب الصفاق (مثل، الألم المستمر الذي يُجبر الشخص على الانحناء أو الشعور بألم يتفاقم عند اللمس اللطيف أو عند اهتزاز السرير)
تورُّم البطن
متى ينبغي مراجعة الطبيب
يجب على الأشخاص الذين ظهرت عندهم علاماتٌ تحذيريَّة أن يتوجَّهوا إلى المستشفى مباشرةً.بينما ينبغي أن يقوم الأشخاص الذين لم تظهر عندهم علاماتٍ تحذيريَّة مراجعة الطبيب خلال 24 ساعة.
ما الذي سيقومُ به الطبيب
يستفسر الأطباء عن الأعراض التي يُعاني منها الشخص وعن تاريخه الصِّحِّي ويُجرون الفَحص السَّريري.تساعد المعلومات التي يحصل عليها الأطبَّاء من خلال اطِّلاعهم على تاريخ الشخص الصحِّي وفحصه السريري على الوصول إلى قرار، ويمكنهم التوصية بإجراء اختباراتٍ معيَّنة عند الضرورة.يقوم الأطباء باتِّباع نفس الإجراءات سواءً كانوا يُقيِّمون ألمًا خفيفًا أو شديدًا، رغم إمكانيَّة مشاركة الجرَّاح في وقتٍ مبكِّر في تقييم ألم البطن الشديد.
يقوم ( انظر جدول: تاريخ الأشخاص الذين يعانون من ألَم البَطن الحاد) الأطبَّاء بالاستفسار عن موضع الألم ( انظر الشكل: أسباب ألم البطن بحسب الموضع) وصفاته خلال اطِّلاعهم على التاريخ الصِّحِّي للشخص وعن معاناته من أعراضٍ مماثلة في الماضي، وعن الأَعرَاض الأخرى التي يُعاني منها الشخص إلى جانب ألَم البَطن.فظهور أعراض مثل حرقة الفؤاد والغثيان والقيء والإسهال والإمساك واليرقان ووجود دم في البراز أو البول وسعال مُدمَّى ونَقص الوَزن؛ تُعدُّ أدلَّةً مُساعدةً للطبيب عند إجرائه التقييم.كما يستفسر الأطبَّاء عن الأدوية المُستَعمَلة، بما فيها الأدوية الوصفيَّة والمُخدِّرات والكحول.
ويستفسر الأطباء عن حالاتٍ صحيَّةٍ معروفة وعن جراحات البطن السابقة.كما يستفسرون من النساء عن وجود حملٍ أو عن التخطيط لحدوث حمل.
يتفحَّص الأطبَّاء المظهرَ العام للشخص قبل إجرائهم الفحص السريري.ومن النَّادر أن يواجه الشخص الذي يبدو مرتاحًا في مظهره مشكلةً خطيرة، خلافًا للشخص الذي يبدو عليه القلق أو الشُّحوب أو التَّعرُّق أو الألم الواضح.يتركَّز الفحص على البطن، حيث يقوم الأطبَّاء بتفحُّص وضغط ولمس (يُسمَّى الإجراء الجسُّ باليد palpation) منطقة البطن.ويقومون بفحص المستقيم والحوض (عند النساء) عادةً لتحديد موضع الشعور بالألم عند الجسِّ والكتل والدَّم.
يقوم الأطبَّاء بجسٍّ لطيفٍ لكامل البطن لكشف مناطق الإيلام بشكلٍ خاص، بالإضافة إلى التَّحري عن وجود مُنعَكَسُ الدِّفاعِ العَضَلِيّ والصَّلابة والارتداد ووجود أيّ كتل.مُنعَكَسُ الدِّفاعِ العَضَلِيّ involuntarily هو حدوث تقلُّص لا إرادي لعضلات البطن عند قيام الطبيب بجسِّ البطن.أمَّاالصَّلابة rigidity فهي استمرار التَّقلُّص الشديد لعضلات البطن رغم عدم جسِّها من قِبل الطبيب.ويحدث الارتداد rebound عندما ينتفض الشخص من الألم نتيجة سحب الطبيب ليده بسرعة.ويُعدُّ مُنعَكَسُ الدِّفاعِ العَضَلِيّ والصَّلابة والارتداد علاماتُ الإصابة بالتهاب الصِّفاق.
أسباب ألم البطن بحسب الموضع
الاختبارات
تكون المُعطيات التي يذكرها الأشخاص شديدة الأهميَّة في بعض الأحيان، بحيث تجعل الأطبَّاء يدركون مباشرةً ضرورة إجراء عمليَّة جراحيَّة.ويُحاول الأطبَّاء عدم تأجيل إجراء الجراحة لأولئك الأشخاص من خلال إجراء الاختبارات.إلَّا أنَّه، وفي كثيرٍ من الأحيان، ينبغي على الأطباء إجراء اختباراتٍ تساعدهم على الاختيار بين عدة أسباب مختلفة توحي بها أعراض الشخص ونتائج الفَحص السَّريري.ويعتمد الأطبَّاء في اختيارهم للاختبارات على الحالة التي يشتبهون بالإصابة بها.
يجب إجراء اختبارات حملٍ بوليَّة لجميع النساء في سنَّ الإنجاب
تُجرى اختبارات التصوير وفقًا للتَّشخيص المشتبه به
يساعد التصوير المقطعي المحوسَب للبطن على تحديد الكثير من أسباب آلام البطن، ولكن ليس جميعها.تُجرى اختبارات البول (مثل، تحليل البول) بشكلٍ متكرِّر للتَّحرِّي عن علامات وجود عدوى في المسالك البولية أو حصاة كلويَّة.وتُجرى الاختبارات الدَّمويَّة في حالاتٍ نادرة لمعرفة سببٍ مُحدَّد في كثيرٍ من الأحيان (رغم إمكانيَّة استعمال الاختبارات الدَّمويَّة لتشخيص التهاب البنكرياس).ويكون استعمال التصوير بتخطيط الصدى مفيدًا عند اشتباه الأطبَّاء بوجود اضطرابٍ في المرارة أو في الجهاز التناسلي للمرأة.قد يكون من الضروري إجراء تقييمٍ بالتنظير الداخلي من خلال استعمال الكاميرات لتفحُّص السَّبيل الهضمي.
علاج ألم البطن الحاد
يُعالَج السَّبب الذي أدَّى إلى حدوث الألم.وقد اعتقد الأطباء حتى وقتٍ قريبٍ بضرورة عدم استعمال مسكنِّات الألم عند الأشخاص الذين يعانون من آلامٍ شديدةٍ في البطن قبل وضع التشخيص لأنَّ استعمال مسكن الألم قد يُخفي أعراضًا هامَّة.إلَّا أنَّه يجري استعمال مُسكِّنات الألم في بعض الأحيان حاليًّا وبجرعاتٍ منخفضة عادةً خلال مدَّة إجراء الاختبارات.
النقاط الرئيسية
يتحرَّى الأطباء في البداية عن أيِّ سببٍ مُهدِّدٍ للحياة يؤدِّي إلى حدوث الألم.
يتحرَّى الأطبَّاء عن وجود حملٍ عند النِّساء في سنِّ الإنجاب.
من النَّادر أن تُحدِّدَ اختبارات الدَّم سببًا مُعيَّنًا للشعور بالألم الحادِّ في البطن.
