لمحَةٌ عامَّة عن اضطرابات الحرارة

(الأمرَاض المُرتَبِطة بالحرارة)

حسبDavid Tanen, MD, David Geffen School of Medicine at UCLA
تمت مراجعته شعبان 1444

يُحافِظُ البشرُ، وهُم من الكائِنات ذات الدَّم الحار، على حرارة أجسادهم ضمن درجةٍ أو درجتين من 37 درجة مئويَّة عندما يجري قياسها عن طريق الفم، و38 درجة مئويَّة عندما يجري قياسها عن طريق المُستقيم، وذلك بالرغم من التقلُّبَات الكبيرة في درجات الحرارة الخارجيَّة.يينبغي الحفاظُ على هذا المدى الداخليّ لدرجة الحرارة حتَّى يستطيع الجسم القيام بوظائفه بشكلٍ طبيعيٍّ،حيث يُمكن أن تُؤدِّي درجةُ حرارة الجسم المرتفعة جدًا أو المنخفضة جدًا إلى إصابة خطيرةٍ في الأعضَاء، أو إلى الوَفاة.

تنظيمُ حرارة الجسم

يقوم الجسمُ بتنظيم حرارته عن طريقِ التوازن بين إنتاج الحرارة وفقدانها؛

وتُعدُّ التفاعلاتُ الكيميائيَّة (الاستقلاب) من الطرائق التي يُنتِجُ الجسمُ فيها الحرارة، وهي تنجُم في معظمها عن تحويل الطعام إلى طاقةٍ.كما يجري إنتاج الحرارة أيضًا عبر عمل العضلات في أثناء النَّشاط البدنيّ.

يقوم الجسمُ بتبريد نفسه عن طريق فقدان الحرارة، وبشكلٍ رئيسيٍّ عن طريق عمليتين هُما

  • الإشعَاع

  • وتبخُّر الماء (التعرُّق بشكلٍ رئيسيّ)

يُعدُّ الإشعاع، الذي تتدفُّق فيه الحرارة من المناطق الأسخن إلى المناطق الأبرد، المصدرَ الرئيسيّ لفقدان الحرارة عندما يكون الجسم أعلى حرارةً من البيئة الموجود فيها.لا يحتاج الإشعاعُ إلى مُلامسة أيَّة أجسام، ومن الأمثلة على هذا عندما يُصدِرُ المصباح شعاعًا من الحرارة في داخل الغرفة.

يُؤدِّي تبخُّر الماء إلى سحب كميةٍ كبيرةٍ من الحرارة من سطحٍ رطِبٍ،ويُؤدِّي التعرُّق، أي الرطوبة التي تُنتِجها الغُدد العَرقيَّة، إلى تبريد الجلد عندما يتبخَّر.يُعدُّ التعرُّقُ المصدرَ الرئيسيّ لفقدان الحرارة عندما تقترِبُ درجة حرارة البيئة من درجة حرارة الجسم، وفي أثناء ممارسة التمارين؛ولكن تعمل الرطوبة (رُطوبة الهواء) على إبطاء تبخُّر الماء، وتُقلِّلُ من فعَّالية التعرُّق،ولذلك، قد يكُون فقدان الحرارة صعبًا في الطقس الحار والرطب.

كما يقوم الجسمُ أيضًا بتبريد نفسه عبر عمليتي:

  • حمل الحرارة: حيث يجري نقلُ الحرارة لتبريد الماء أو الهواء اللذين يمرَّان فوق الجلد

  • توصيل الحرارة: حيث يَجرِي نقلُ الحرارة إلى الأسطح الأبرَد التي تُلامس الجسم، مثلما يحدث عندَ الاستلقاء على أرضيةٍ باردةٍ

اضطراباتُ الحرَارة

هناك أنواع عَديدة لاضطرابات الحرارة:

تختلف هذه الأنواعُ من ناحية الأعراض، وما إذا ارتفعت درجة حرارة الجسم (ومقدار هذا الارتفاع)، ومن ناحية شدَّة نفاد السائل والملح من الجسم.ينجُم نفادُ السوائل والملح من الجسم عن التعرُّق الزائد، ويُمكن أن يُؤدِّي إلى انخفاض ضغط الدَّم وتشنُّجات عضليَّة مُؤلمة.وقد تتعرَّض الأعضاء الداخلية إلى الضَّرر إذا بقيت درجة حرارة الجسم مرتفعةً جداً لفترةٍ طويلةٍ.

اضطرابات تنظيم درجة حَرارة الجسم الأخرى

فرط الحرارة الخبيث، والمُتلازمة الخبيثة للدواء المُضادّ للذُّهان، ومُتلازمة السيروتونين هي اضطرابات أخرى يمكن لفرط الحرارة فيها (ارتفاع درجة حرارة الجسم) أن يكون مُهدِّدًا للحياة.

أسباب اضطرابات الحرارة

تنجُم اضطراباتُ الحرارة عن فرط إنتاج الحرارة وعن فقدان الحرارة بشكلٍ غير فعَّال أو عن كليهما.

يُمكن أن ينجُم فرطُ إنتاج الحرارة عن الحالات التالية:

فقدان غير فعَّال للحرارة، وهو الأكثر شُيوعًا في الظروف الحارَّة والرَّطبة.كما تُمارس الأشيَاء التالية دورًا كبيرًا في فقدان الحرارة أيضًا:

  • الثياب الثقيلة والضيِّقة التي لا تسمَح بمرور الهواء والرطوبة عبرها بسهولةٍ،حيث يُؤدِّي ارتداء مثل هذه الثياب إلى الحيلولة دُون تبخُّر العَرق من سطح الجلد وتبريد الجسم.

  • أدوية مُعيَّنة قد تُقلِّلُ التعرُّق، وهي تنطوي في مُعظم الأحيان على مُضادَّات الذُّهان والأدوية ذات التأثيرات المُضادَّة للكولين.

  • اضطرابات مُعيَّنة تُؤثِّرُ في الجلد وعملية التعرُّق،وتَنطوي هذه الاضطراباتُ على التليُّف الكيسي والتصلُّب الجهازي (تصلُّب الجلد scleroderma) والصدفية والإكزيمة وحروق الشمس الشديدة.

  • تُؤثِّرُ البَدانةُ في فقدان الحرارة، لأنَّ طبقةً ثخينةً من الدهون تُشكِّلُ عازلاً جيِّدًا.

  • حالات نفسيَّة تُؤثِّرُ في الاستجابات المَحسُوسة للحرارة؛فعلى سَبيل المثال، قد لا يقوم كبار السنّ الذين يُعانون من الخرف والأشخاص في حالة سُكر intoxicated بالانتقال إلى بيئةٍ باردةٍ أو التخلُّص من ثيابهم الثقيلة أو تشغيل مُكيَّف الهواء عندما يكونون في بيئةٍ حارَّةٍ.

عواملُ خطر اضطرابات الحرارة

تزدادُ فُرصةُ الإصابة باضطرابات الحرارة عندما يحدُث التعرُّض إلى الحرارة فجأةً، مثلما يجري عند ترك طفلٍ في سيارةٍ مُغلَقةٍ في يومٍ صيفيّ حارّ؛وفي الطقس الحارّ، يُمكن أن ترتفع درجة الحرارة الداخلية في سيارة مُغلَقة من 80 إلى 120 فهرنهايت (27 إلى 49 درجة مئويَّة) في مدَّة قصيرة لا تتجاوز 15 دقيقةً.عندما يتعرَّض الأشخاصُ إلى فتراتٍ أطول من الحرارة والرطوبة بشكلٍ تدريجيٍّ، يتأقلم الجسم ويكون قادرًا على الحفاظ على درجة حرارته بشكلٍ أفضل،وتسمى هذه العملية التأقلم.يحدُث التأقلمُ بسرعةٍ أكبر عند اليافعين أو الأشخاص النشيطين بدنيًا بالمُقارنة مع كبار السنّ أو الخاملين بدنيًا،

وتنطوي العوَاملُ التي تزيد من قابلية التعرُّض إلى تأثيرات مُعظم اضطرابات الحرارة على التالي:

  • كون الشخص متقدِّمًا في السن أو يافعًا جدًا

  • وجود حالات طبية مُعيَّنة، مثل الحالات التي تنطوي على خلل وظيفيٍّ في القلب أو الرئتين أو الكُلَى أو الكَبِد

  • أخذ مدرات البول

  • وجود حالات من عدم التوازن في كيمياء الدَّم (الشَّوارِد)

  • كون الشخص يُعاني من التجفافِ

أضواءٌ على الشيخوخة: المخاوف المرتبِطة بالحرَارة

هناك العديدُ من الأسباب التي تجعل كبار السن يُواجهون صُعوبة خاصَّة عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة:

  • فكبارُ السن لا يستطيعُون التأقلم تدريجيًا مع الفترات الطويلة من درجات الحرارة المرتفعة والرُّطوبة مثلما يستطيعُ الأشخاص الأصغر سنَّاً،

  • ويميلُ كبار السنّ إلى مواجهة صعوبة في زيادة تدفُّق الدَّم إلى جميع سُطوح الجلد، وذلك بسبب انخفاض التروية الدموية، ولذلك لا تستطيع أجسادهم تبريد ذاتها بسرعة.

  • كما يميلُ كبارُ السنّ إلى فقدان الغدد العرقيَّة مع تقدُّمهم في السنّ،

  • ويكون إدراكهم للحرارة مُتأخرًا، ولذلك تكون استجابتُهم للتغيُّرات فيها بطيئةً،

  • وقد يُعانون من مشاكل في الحركةِ تجعل من الصعب عليهم الابتعاد عن البيئة الحارَّة.

يُمكن أن تُؤثِّر اضطراباتٌ مُعيَّنة هي أكثر شُيوعًا عند كبار السنّ، مثل الفشل القلبيّ والكلويّ، في قُدرة الجسم على تبريد نفسه.يتَّبع مرضى ارتفاع ضغط الدَّم نُظمًا غذائيَّة تحتوي على كمية قليلة من الملح غالبًا، ممَّا قد يحُول دُون استهلاكهم ما يكفي منه للتعويض عن الملح الذي يفقدونه في أثناء التعرُّق.

كما تُؤثِّرُ الشيخُوخة في العطشِ أيضًا؛فكبارُ السنّ لا يشعرون بالعطش بسرعةٍ مثل اليافعين؛ولذلك، يميلُ كبار السنّ إلى الإصابة بالتجفاف الذي يعني بدوره أنَّهم أقلّ قدرةً على التعرُّق في البيئة الدافئة.

الوقاية من اضطرابات الحرارة

فيما يلي بعض الطرق للوقاية من اضطرابات الحرارة:

  • لا ينبغي تركُ الأطفال (والحيوانات الأليفة أيضًا) في أماكن مُغلقة ذات تهوية سيئة، مثل سيارة ساخنة، حتى لمُجرَّد بضع دقائق.

  • في أثناء الطقس الحار جدًا، ينبغي عَدم بقاء كبار السنّ والصغار في أماكن لا تُوجد فيها تهوية من دُون مُكيِّفات الهواء.

  • في أثناء الطقس الحار والرَّطب، من الافضل ارتداء ثياب خفيفة وفضفاضة مصنوعة من قماش يسمح بتهوية الجلد، مثل القطن.

يمكن تعويض السوائل والأملاح المفقودة من خلال التعرُّق عن طريق شرب الماء أو الأطعمة أو المشروبات التي تحتوي على القليل من الملح عادةً، مثل المشروبات الرياضيَّة أو عصير الطماطم المُملَّح أو الحساء البارد.لا تُعدُّ المشروباتُ الكحوليَّة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين من البدائل الجيِّدة عن السوائلِ، بل قد تُفاقِمُ التجفافَ.

الإجهَادُ في الحرارة

ينبغي تجنُّبُ الإجهاد الشديد في البيئة الحارة جدًا،وعندما لا يُمكن تجنُّب الإجهاد في بيئة حارَّة، يُمكن أن يُساعد شُربُ الكثير من السوائل وتبريد الجلد بشكلٍ مُتكرِّرٍ عن طريق تبليله أو ترطيبه بماءٍ باردٍ على الاحتفاظ بدرجة حرارة الجسم قريبة من المعدل الطبيعيّ.لتعويض كمياتٍ كافية من السوائل، ينبغي الاستمرار في الشربِ حتى من بعد أن يروي الشخص عطشه.

يُمكن استخدَام نقص الوزن بعد التمارين أو العمل لمُراقبة التجفاف،وينبغي تذكيرُ الاشخاص الذين فقدوا ما يتراوح بين 2 إلى 3% من وزن الجسم بأن يشربوا سوائل إضافيَّة، وأن يكونوا ضمن كيلوغرام واحد تقريبًا من وزن البِداية قبلَ التعرُّض في اليوم التالي.كما ينبغي على الأشخاص، الذين فقدوا على الأقلّ 4% من وزن الجسم، عدم ممارسة النشاطات لأكثر من يومٍ واحدٍ.

بالنسبة إلى الأشخاصِ الذين يُمارسون نشاطات في الهواء الطلق ويشربون كميات كبيرة من الماء من دون الملح، قَد يخفّ لديهم تركيز الصوديوم في الدَّم (حالة تُسمَّى نقص صُوديوم الدَّم hyponatremia)، وقد تُؤدِّي هذه الحالة إلى الاختلاجات وحتى الوَفاة؛ويُمكن التخفيفُ من هذه المشكلة عن طريق استهلاك الملح حتى في الوجبات السريعة المَالِحَة ومع شرب الماء.تنطوي الطرائقُ الشائعة الأخرى للحفاظ على مستويات طبيعية من الملح على استهلاك أقراص الملح (التي ينبغي إذابتها بكميات كافية من الماء، على سبيل المثال، قرص ملح واحد بوزن 1 غرام في لتر ماء) والمشروبات الرياضية التجاريَّة المُتوفِّرَة التي تحتوي على كمية إضافية من الملح.

تُؤدِّي زيادةُ مستوى وكميَّة العمل في الحرارة ببطءٍ إلى التأقلُم في نهاية المطاف، ممَّا يُمكِّنُ الأشخاص من العمل بأمانٍ في درجات حرارة كانت تُشكِّلُ خطرًا عليهم في السابق،ومن المُناسب عادةً التدرُّج من 15 دقيقةً يوميًا من النشاط المتوسِّط (ما يكفي لتحريض التعرُّق)، في أثناء الأوقات الحارة من اليوم، إلى 90 دقيقةً من النشاط الشديد خلال فترةٍ تتراوح بين 10 إلى 14 يومًا.يكون الأشخاص الذين لم يتأقلَموا مع الطقس أكثر عرضة للمعاناة من تشنُّجات الحرارة أو اضطرابات الحرارة الأخرى في أثناء بذل جهدٍ مطول، وقد يحتاجون إلى زيادة مدخولهم من الصوديوم والماء.

هل تعلم...

  • يُمكن أن يُؤدِّي شُربُ كميات كبيرةٍ من الماء العاديّ في أثناء الإجهاد إلى التخفيف من تركيز الصوديوم في مجرى الدَّم بشكلٍ خطير.

  • ينبغي إذابة أقراص الملح في كميات كافية من الماء.

طرائق للمُساعدةِ على الوِقاية من اضطرابات الحرارة

  • ينبغي تأمينُ تهوية مُناسِبة أو تكييف الهواء في أثناء موجات الحرارة، خُصوصًا بالنسبة إلى كبار السنّ أو الصِّغَار.

  • ينبغي تجنُّبُ ترك الأطفال في السيارات في الطقس الحارّ، خُصوصًا بنوافذ مُغلَقة.

  • ينبغي تجنُّبُ الجهد الشاقّ في البيئة الحارَّة والأماكن ذات التهوية السيئة.

  • كما ينبغي تجنُّب ارتداء الثياب الثقيلة والتي تحول دُون تهوية الجلد.

  • إذا كان الشخصُ لا يستطيع تجنُّب الجهد في الحرارة، ينبغي عليه ارتداء ثياب فضفاضة مصنُوعة من نسيج يسمح بتهوية الجلد، وأن يأخذ فترات استراحة بشكلٍ مُتكرِّرٍ، ويستخدم المروحة، ويشرب كل بضع ساعات بغضّ النظر عن العطش.

  • إذا فقد الشخص 2% أو أكثر من وزن الجسم في أثناء التمارين أو العمل، ينبغي عليه شرب سوائل إضافية.

  • وإذا فقد الشخص 4% أو أكثر من وزن الجسم في أثناء التمارين أو العمل، ينبغي عليه أن يُقلِّل من النشاط بحيث لا يتجاوز يومًا واحدًا.

  • إذا جرى شُرب كمياتٍ كبيرةٍ من الماء، ينبغي استهلاك الملح في السوائل أو الطعام.

  • أمَّا إذا كان من الصعب تجنُّب الجهد لفترةٍ طويلةٍ في الحرارة، فيحتاجُ الشخص إلى البدء بالنشاط قبل فترةٍ تتراوح بين 10 إلى 14 يومًا من الجهد الأقصى، ويأتي هذا في البداية على شكل نشاطٍ مُتوسِّطٍ يستمرُّ لحوالى 15 دقيقة في اليوم، ومن ثم تجري زيادة شدَّة وزمن هذا النشاط ببطءٍ.

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID