الحالة الإنباتيَّة Vegetative State

حسبKenneth Maiese, MD, Rutgers University
تمت مراجعته شوّال 1443

تحدث الحالَةُ الإِنباتِيَّة vegetative state عندما يتوقف المخ (جزء الدماغ الذي يتحكَّم في التَّفكير والسُّلُوك) عن القيام بوظائفه، مع استمرار عمل الوِطاء وجذع الدماغ (جزءا الدماغ اللذان يتحكَّمان في الوظائف الحيويَّة، مثل دورات النوم ودرجة حرارة الجسم والتَّنفُّس وضغط الدَّم ومُعدَّل ضربات القلب والوعي).وبذلك، يفتح الأشخاص أعينهم ويبدون مستيقظين، دون أن يستجيبوا للتحفيز بأيَّة طريقة ذات معنى.

  • وفي معظم الحالات، تنجم الحالة الإنباتية عن الضرر الشديد في الدماغ بسبب إصابة في الرأس أو اضطراب يحرم الدماغَ من الأكسجين، مثل السكتة القلبية أو التنفسية.

  • يمكن للأشخاص في الحالة الإنباتية فتح أعينهم، ولكنّهم لا يستطيعون الكلام أو القيام بأشياء تتطلَّب التفكير أو القصد الواعي، ولا يكون لديهم أي إدراك لأنفسهم أو ببيئتهم.

  • يقوم الأطباءُ بتشخيص الحالة الإنباتية فقط بعد مراقبة الأشخاص لفترة من الوقت وفي أكثر من مناسبة، مع عدم العثور على أي دليل على الإدراك.

  • يحتاج الأشخاصُ في الحالة الإنباتية إلى رعاية شاملة، بما في ذلك التغذية الجيدة وتدابير للوقاية من المشاكل التي تنجم عن عدم القدرة على الحركة (مثل قرحات الضغط).

تُعدُّ الحالةُ الإِنباتِيَّة من الحالات النادرة.

وتُعَدّ الحالة النباتية التي تستمر لأكثرَ من شهرٍ حالةً إنباتيةً مستديمة.لا يستعيد معظمُ الأشخاص الذين يعانون من حالة إنباتية مستمرة أيَّ وظيفة عقلية أو القدرة على التفاعل مع البيئة بطريقة ذات معنى.ولكن، يتحسّن عدد قليل من الأشخاص الذين يعانون من حالة نباتية مستمرة بما فيه الكفاية لتغيير التشخيص إلى حالة الحدّ الأدنى من الوعي.في الأشخاص الذين يُعانون من حالة الحدّ الأدنى من الوعي، يكون اضطراب الإدراك شديدًا، لكنذَه ليس تامًّا.

وعندما يحدث التعافي، يكون السببُ عادةً هو تضرُّر الدماغ النَّاجم عن إصابة في الرأس (إصابة الدماغ الرَّضحيَّة traumatic brain injury)، وليس ناجمًا عن اضطرابٍ يؤدي إلى حرمان الدماغ من الأكسجين.كما أنَّ التَّعافي يكون محدودًا جدًّا غالبًا؛فمثلًا، قد يصل الأشخاص إلى أيِّ شيءٍ وإلى جميع الأشياء أو قد يُكرِّروا لفظ نفس الكلمة.وفي حالاتٍ نادرة، يستمرُّ التحسُّن البطيء على مدى أشهرٍ إلى سنوات عندَ الأشخاص المُصابين بحالة إنباتية دائمة.

لا يُعرَف عددُ الأشخاص المصابين بالحالة الإنباتية، ولكن يُعتقد أنَّ حَوالى 25,000 بالغ وما يقرب من 10000 طفل في الولايات المتحدة مُصابون بهذا الاضطراب.

أسباب الحالة الإنباتية

تحدث الحالةُ الإنباتية عندما يتضرَّر المخ (الجزء الأكبر من الدماغ) بشدة (ممَّا يجعل قيامه بالوظيفة العقلية مستحيلًا)، ولكنَّ الجُملَة الشَّبَكِيَّة المُنَشِّطَة تستمرُّ في العمل (تجعل سُهاد اليَقَظَة ممكنًا).تتحكَّم الجُملَةُ الشَّبَكِيَّةُ المُنَشِّطَة في يقظة الشخص؛حيث إنَّها جملة مكوَّنة من الخلايا العصبية والألياف الموجودة في أعماق الجزء العلوي من جذع الدماغ (جزء الدماغ الذي يصل الدماغ بالحبل الشوكي).

والسببُ الأكثر شيوعًا لحدوث الحالة الإنباتية هو تضرُّر الدِّماغ الشديد النَّاجم عن:

لكنَّ أيَّ اضطرابٍ يمكنه إلحاق أضرارٍ بالغة بالدماغ مثل النَّزف في الدماغ أو عدوى الدماغ يمكن أن يؤدي إلى حدوث حالةٍ إنباتيَّة.

أعراض الحالة الإنباتية

يمكن للمرضى المُصابين بالحالة الإنباتية القيام ببعض الأشياء نتيجة قيام بعض أجزاء الدماغ بوظيفتها:

  • يمكنهم فتح أعينهم.

  • تكون أنماط ُالنوم والاستيقاظ طبيعيَّةً نسبيًّا (ولكن ليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بالنهار والليل).

  • يمكنهم التَّنفُّس والمَصُّ والمضغ والسُّعال والتَّهوُّع والبلع وإصدار أصوات حلقيَّة.

  • قد يفزعون من الأصوات المرتفعة، ويُظهِرون ابتسامةً أو عبوسًا.

وقد يظهرون بمظهر المُدرك لمحيطه نتيجةً لردَّات فعلهم هذه.ولكن، لا يشعرون بأنفسهم أو ببيئتهم.وتنجم استجاباتهم الظاهرية لمحيطهم عن ردود أفعال آلية لا إرادية وليس عن فعل واع.فمثلًا، قد يمسكون بشيء عندما يلمس يدهم بشكلٍ غريزي، كما يفعل الطفل.

ولكن، يتعذَّر على المرضى المصابين بالحالة الإنباتية القيام بأشياء تتطلّب تفكيرًا أو نيّة واعية.ولا يستطيعون التَّحدُّثَ أو اتباع الأوامر أو تحريك أطرافهم بطريقةٍ هادفة أو التحرك لتفادي التحفيز المؤلم.

يفقد معظمُ الأشخاص المصابين بالحالة الإنباتية قدرتهم على الإدراك والتَّفكير والسُّلُوك الواعي؛إلَّا أنَّ التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي (fMRI) وتَخطيط كَهرَبِيَّة الدِّماغ (EEG) يكتشفان عند عددٍ قليلٍ من الأشخاص أدلَّةً على وجود بعض النشاط الدماغي، مما يوحي بوجود وعي محتمل.ويكون السببُ عند هؤلاء الأشخاص هو حدوث إصابةٍ في الرأس عادةً، وليس اضطرابًا أدى إلى حرمان الدماغ من الأكسجين.عندما طُلب من الأشخاص تخيُّل تحريك جزء من أجسامهم، أظهرت هذه الاختبارات نشاطًا دماغيًا مناسبًا لمثل هذا الإجراء (على الرغم من أنهم الناس يقوموا ذلك)؛إلَّا أنَّه لا يمكن لهذه الاختبارات تحديد درجة إدراك هؤلاء الأشخاص.يسمّى الوعي الذي لا يمكن اكتشافه إلا من خلال هذه الاختبارات الوعي الكامن (أو الخفي).

لا يمكن للمرضى المُصابين بالحالة الإنباتية ضبط التبوُّل والتَّبرُّز (يعانون من السَّلَس).

هل تعلم...

  • يكون نومُ واستيقاظ المرضى المصابين بالحالة الإنباتية منتظمًا، ويمكنهم فتح أعينهم وتحريكها، ولكنَّهم يفقدون قدرتَهم على التفكير والسُّلُوك الواعي عادةً.

تشخيص الحالة الإنباتية

  • تقييم الطبيب

  • اختبارات، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي وتخطيط كهربية الدماغ

يشتبه الأطباءُ بالحالة الإنباتية وفقًا للأَعرَاض.لكن، ينبغي مراقبة الأشخاص لفترةٍ زمنيَّة وفي أكثر من مناسبة قبل وضع تشخيص الحالة الإنباتيَّة؛ذلك لأنَّ عدم مراقبة الأشخاص فترةً طويلة قد يؤدي إلى خسارة دليلٍ على الإدراك؛فالمرضى الذين قد يكون لديهم بعض الإدراك يُعانون منأدنى حالةٍ للوعي، وليس من الحالة الإنباتية.

تُجرى اختباراتُ التصوير، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المُحوسب (CT)، للتَّحرِّي عن الاضطرابات التي قد تُسبِّبُ المشكلة، وخصوصًا التي يمكن علاجها.وإذا كان التشخيصُ غيرَ مُؤكَّد، قد يقوم الأطباء بإجراء فحوصات تصوير أخرى - التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) أو التصوير المقطعي المحوسَب بالاصدار أحادي الفوتون (SPECT).ويمكن أن تساعدَ هذه الاختباراتُ على تحديد كفاءة الدماغ؛

قد يُجرى تخطيط ُكهربية الدماغ (EEG) للتحري عن وجود شذوذات في النشاط الكهربائي للدماغ، وهي تبدو على شكل اختلاجات قد تؤدي إلى اضطراب الوعي.

ويمكن أن يُجرى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) للتحري عن نشاط الدماغ، ومن ثَمَّ تحديد ما إذا كان الوعي مضطربا بشكل كامل.يمكن لهذا الاختبار اكتشاف متى يقوم الشخص بالردّ على الأسئلة والأوامر، حتى عندما لا تكون الإجابة واضحة - أي عندما لا يتحدث الشخص أو يتحرك في استجابته (الوعي الكامن).كما يُمكن أن يكشفَ تخطيط كهربية الدماغ هذا النشاطَ الدماغي.وقد تؤثّر نتائج هذه الاختبارات في القرارات المتعلقة بالرعاية الطويلة الأجل.

مآل الحالة الإنباتية

يتعافى بعضُ المصابين بالحالة الإنباتيَّة من تلقاء أنفسهم، ولكن التعافي عادةً ما يكون غير كامل.وتختلف فرصُ الشفاء باختلاف سبب وشدَّة الضَّرر الذي أصاب الدماغ وعمر الشخص، وذلك كما يلي:

  • يمكن أن يحدثَ الشفاء في الحالات التي يكون فيها السبب إصابةً في الرأس أو شذوذات استقلابيَّة قابلة للإصلاح (مثل انخفاض نسبة السُّكَّر في الدَّم)، أو استعمال جرعة زائدة من المخدرات أدَّت إلى حدوث سكتة دماغية حادة أو إلى توقُّف القلب.

  • قد يستعيد الأشخاصُ الأصغر سنًا القدرةَ على استعمال عضلاتهم أكثر من كبار السن، ولكنَّ الاختلافات في استعادة الوظيفة العقلية والسلوك والكلام ليست كبيرة.

  • إذا استمرت الحالةُ الإنباتية أكثرَ من بضعة أشهر، فمن غير المُرجَّح أن يستعيد الأشخاص وعيهم.وإذا تعافى الأشخاص، فمن المرجح أن يُصابوا بإعاقة شديدة.

ومن غير المحتمل أن يحدثَ أي تعافي من الحالة الإنباتية بعد مرور شهرٍ من الإصابة بها إذا كان السبب هو أيّ شيءٍ آخر غير إصابة الرأس.أما إذا كان السببُ هو الإصابة في الرأس، فمن المستبعد أن يحدث الشفاء بعد انقضاء 12 شهرًا على حدوث الحالة؛إلَّا أنَّه يتحسَّن عدد قليل من الأشخاص على مدى أشهرٍٍ أو سنوات.وفي حالاتٍ نادرة، يحدث التَّحسُّنُ متأخّرًا.وبعدَ 5 سنوات، يستعيد حَوالى 3٪ من الأشخاص القدرة على التواصل والفهم، ولكن القليل منهم يمكنهم العيش بشكلٍ مستقل، ولا يستطيع جميعهم العمل بشكلٍ طبيعي.

يتوفَّى معظمُ الأشخاص المُصابين بالحالة الإنباتية في غضون 6 ستَّة أشهر من الضرر الدماغي الأصلي.وتتراوح فترة حياة معظم المرضى الآخرين بين 2-5 سنوات.يكون سببُ الوفاة غالبًا هو الإصابة بعدوى في السبيل التنفسي أو البولي أو حدوث خلل وظيفي شديد (فشل) في عدَّة أعضاء؛إلَّا أنَّ الوفاة يمكن أن تحدث فجأةً، وقد يكون السبب مجهولًا.يعيش عددٌ قليل من الأشخاص لعدة سنوات.

سُجلت تقارير لأشخاص استعادوا فيها بعض الوعي بعد أن أمضوا سنواتٍ فيما يبدو أنَّها حالة إنباتية أو غيبوبة.تشتمل هذه التقاريرُ غالبًا على أشخاص كان لديهم حد أدنى من الحالة الواعية، عادةً بعد التعرض لإصابة في الرأس.لا يمكن التنبؤ بفرص الشفاء من الحد الأدنى من حالة الوعي ولكنها أفضل من حالة الحالة الإنباتية.

علاج الحالة الإنباتية

  • التدابير الوقائيَّة للمشاكل النَّاجمة عن عدم الحركة

  • التغذية الجيدة

قد يكون للعلاج بالموسيقى تأثيرات مفيدة بشكل طفيف من خلال تحفيز الاستجابة عند الأشخاص الذين يعانون من الحالة الإنباتية أو أنواع أخرى من اعتلال الوعي.ولكن لا تزال فائدة هذا العلاج غير واضحة حتى الآن.

الرِّعايَةُ الطويلة الأمد

كما هيَ الحالُ عند الأشخاص في حالة الغيبوبة، يحتاج الأشخاص المُصابون بالحالة الإنباتية إلى الرعاية الشاملة.

من الضروري توفير التَّغذية الجيدة(الدَّعم الغذائي).تجري تغذيةُ المرضى من خلال أنبوب يُدخل عن طريق الأنف إلى المعدة (يُسمَّى ذلك التغذية الأنبوبية).وتجري تغذيتُهم في بعض الأحيان من خلال أنبوبٍ يُدخَل مباشرةً إلى المعدة أو الأمعاء الدقيقة من خلال شِقٍّ في البطن.كما يمكن إعطاءُ الأدوية من خلال هذه الأنابيب.

تحدث الكثيرُ من المشاكل نتيجة العجز عن الحركة، ولذلك من الضروري اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوثها (انظر المشاكل بسبب الراحة في الفراش)؛حيث يمكن أن يحدث ما يلي:

  • قرحات الضغط: يمكن أن يؤدي الاستلقاء في وضعيَّة واحدة إلى إعاقة الجريان الدَّمويّ إلى بعض مناطق الجسم، ممَّا يتسبَّبُ في تشقُّق الجلد وتشكُّل قرحات الضغط.

  • التَّقفُّعات: يمكن لقلَّة الحركة أن تؤدي أيضًا إلى حدوث تيبُّسٍ وقِصَر دائمٍ في العضلات، ممَّا يُسبِّبُ حدوث انحناءٍ دائمٍ في المفاصل.

  • الجلطات الدَّمويَّة: تزيد قلَّة الحركة من احتمال تشكُّل جلطاتٍ دمويَّة في أوردة الساقين، ويُسمَّى ذلك خُثار الأوردة العميقة.

يمكن الوقايةُ من قرحات الضغط من خلال التغيير المتكرّر لوضعية الشخص، ووضع وسادات وقائية تحت أجزاء الجسم التي تلامس السرير، مثل الكعبين، لحمايتها.

للوقاية من حدوث التقفُّعات، يقوم المعالجون الفيزيائيون بتحريك مفاصل الشخص بلُطفٍ في جميع الاتجاهات (تمارين لافاعلة ضمن مجال الحركة passive range-of-motion exercises) أو المفاصل المجبَّرة في وضعيات معيّنة.

وتنطوي الوقايةُ من الجلطات الدموية على استخدام: الأدوية وضغط أو رفع ساقي الشخص.كما قد يساعد تحريكُ الأطراف، مثلما يحدث في التمارين اللافاعلة ضمن مجال الحركة، على منع حدوث الجلطات الدموية.

ينبغي الحرصُ على المحافظة على نظافة وجفاف جلد الأشخاص المُصابين بالسَّلَس.ويمكن عندَ عدم قيام المثانة بوظيفتها وحدوث احتباسٍ للبول وضعُ أنبوبٍ (قثطار) في المثانة لتصريفه.ويجري تنظيف القثاطير بدقَّة، وفحصها بانتظام، للوقاية من حدوث حالات عدوى في المسالك البولية.

الحالاتُ الأخرى

ينبغي عند فشل محاولات معالجة الحالة أن يناقش الأطباء وأفراد العائلة، ولجنة الأخلاقيات في المستشفى أحيانًا، طريقة متابعة المشكلات الطبية المستقبلية الشديدة وتوقيت وإمكانيَّة إيقاف العلاج المؤدِّي إلى استمرار الحياة.كما ينبغي مراعاة رغبات الشخص المُتعلِّقة بهذه المعالجات إن كانت معروفة - كأن تكون مذكورة في وصيَّته، مثل (وثيقة إرادة الحياة).

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID