داءُ كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب هو عدوى بدودة مدورة تُسمى كلابية الذنب الملتوية.وهو يسبِّب الحكة والطفح الجلدي، مع التندُّب أحيَانًا، وكذلك الأعراض العينية التي قد تؤدي إلى العمَّى.
تنتشر العدوى من خلال لدغة إناث الذباب الأسود blackflies، التي تتكاثر في الجداول.
قد تسبِّب العدوى حكّة شديدة فقط، ولكن تسبّب طفحًا جلديًا وتضخمًا في العُقَد اللِّمفِية واضطرابًا في البصر أو عمًى كاملاً أحيانًا.
يقوم الأطباءُ بتشخيص العَدوى عادة عن طريق تحديد الشكل غير الناضج من الدودة في عَيِّنَة من الجلد.
إن إعطاء الإيفرمكتين مرّة أو مرتين في السنة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تنتشر فيها العدوى يمكن أن يسيطرَ عليها.
عندما يؤدي داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب إلى أَعرَاض، تكون المعالجة بجرعة واحدة من الإيفرمكتين، تُكرَّر كل 6 إلى 12 شَهرًا حتى تختفي تلك الأَعرَاض.
(انظر أيضًا لمحة عامة عن العدوى الطُّفَيليَّة ولمحة عامة عن عدوى دودة الفيلاريَّة).
هناك نحو 21 مليون شخص لديهم داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب في جميع أنحاء العالم.يُعاني حَوالى 14.6 مليون شخص من أمراض جلدية، بينما يعاني 1.15 مليون شخص من مشاكل في الرؤية أو عمى.يعدُّ داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب السببَ الرئيسي الثاني للعمى العدوائي في جميع أنحاء العالم، وذلك بعد التراخوما.
وهو أكثرَ شُيُوعًا في المناطق الاستوائية والجنوبية (جنوبي الصحراء الكبرى) من أفريقيا.تُسجل حالات من حين لآخر في اليمن وفي منطقة انتقال صغيرة في أمريكا الجنوبية على امتداد الحدود مع فنزويلا والبرازيل.وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن كل من كولومبيا، والإكوادور، والمكسيك، وغواتيمالا هي بلدان خالية من داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب.يكون الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون بالقرب من الجداول أو الأنهار سريعة التدفق الأكثر عرضة للإصابة.وبالإضافة إلى السكان، يكون المسافرون على المدى الطويل في هذه المناطق، مثل موظفي الإرساليات التبشيرية، أو المتطوعين، أو الباحثين الميدانيين، معرضين للخطر.
هل تعلم...
|
انتقالُ داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب
ينتشر داءُ كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب من خلال لدغة الإناث الذباب الأسود التي تتوالد في الجداول سريعة التدفُّق (ومن هنا جاء مصطلح العمَى النهري).
تبدأ دورةُ العدوى عندما تلدغ ذبابة سوداء شخصًا مصابًا وتصاب الذبابة بأشكال غير ناضجة من الدودة تسمّى مِكْروفيلاريات؛حيث تتخلَّق إلى يرقات في الذبابة.وعندما تلدغ الذبابة شخصًا آخر، تمرُّ اليرقات نحوَ جلد ذلك الشخص.تتحرّك اليرقات تحت الجلد، وتشكِّل كتلاً (عُقَيدات)، حيث تتخلَّق إلى ديدان بالغة في 12 إلى 18 شهرًا.وقد تعيش الديدان الأنثوية البالغة حتى 15 عامًا في هذه العُقَيدات.وبعدَ التزاوج، تُنتِج الديدان الإناث الناضجة البيوض، والتي تتطوَّر إلى مِكروفيلاريَّات تترك الدودة.وقد تُنتِج الدودة 1,000 واحدة من المِكروفيلاريَّات كلَّ يوم.تتحرَّك الآلافُ من المِكروفيلاريَّات من خلال أنسجة الجلد والعينين، وهي مسؤولة عن المرض.
وتكون عدَّةُ لدغات ضرورية عادة قبلَ أن تسبِّب العدوى الأَعرَاضَ.وبذلك، فإنَّ العدوى تكون أقل احتمالًا بكثير للحدوث في زوَّار المناطق الموبوءة.
مصدر الصورة: مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، الصحة العالمية، قسم الأمراض الطفيلية والملاريا
وبما أنَّ العدوى تنتقل قربَ الأنهار، فكثير من الناس يتجنَّبون تلك المناطق.يُؤثِّر عدمُ القدرة على العيش أو العمل بالقرب من النهر في قدرتهم على زراعة المحاصيل.وهكذا، فإن داءَ كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب يمكن أن يسهمَ في نقص توفّر الأغذية في بعض المناطق.
أعراض داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب
تحدث أعراضُ داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب عندما تموت المِكروفيلاريَّات؛حيث يمكن أن يسبِّب موتَها حكَّة شديدة، وقد تكون هي العرضَ الوحيد.ولكن، قد يظهر الطفح الجلدي مع الاحمرار.ومع مرور الوقت، قد يتثخَّن الجلد ويخشن ويتجعَّد.ويمكن أن يفقد مرونته وصِباغَه بشكل بقع لطخيَّة.وفي الحالات الشديدة، قد تظهر عند الأشخاص طيّات طويلة من الجلد تتدلى على أسفل البطن وأعلى الفخذين ("الأربيّة المعلّقة").وقد تُصاب العقد اللِّمفَية، بما في ذلك تلك الموجودة في المنطقة التناسلية، بالالتهاب والتورُّم.ويمكن أن تٌشاهدَ عقيداتٌ تحتوي على الديدان البالغة تحت الجلد، أو يُشعَر بها.لا تُسبّب هذه العقيداتٌ أعراضًا عادةً.
وتتراوح الآثارُ في الرؤية من الاضطراب الخفيف (التشوُّش) إلى العمى الكامل.وقد تلتهب العين وتُصاب بالاحمرار.ويمكن أن يسبِّب التعرُّضُ للضوء الساطع الألم.إذا لم تعالج الحالة، قد تصبح القرنية عاتمة تمامًا، وتتندَّب - سبب العمى.وقد تُصاب البنى الأخرى في العين، بما في ذلك القزحية والحدقة وشبكية العين.ويمكن أن يُصابَ العصبُ البصري باللتهاب والتنكُّس.
إذا أصبح الشخص أعمى، فقد يصبح غير قادر على العمل وإعالة أسرته، وقد ينخفض متوسّط عمره.
© Springer Science+Business Media
تشخيص داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب
فحص عَيِّنَة من الجلد
لتشخيص داء كلابية الذنب، يَجرِي أخذُ عَيِّنَة من الجلد وفحصها عادة، بحثًا عن المِكروفيلاريَّات.قد يستخدم الأطباء المصباح الشِّقّي slit lamp للتَّحرِّي عن المِكروفيلاريَّات في العين.
ويمكن القيام باختبارات للدم بحثًا عن أدلّة على العدوى، ولكنَّ هذه الاختبارات ليست موثوقة أو متاحة دائمًا.
يمكن استئصالُ العقيدات وتحرِّي الدِّيدان البالغَة فيها، ولكنَّ هذا الإجراء نادرًا ما يكون ضروريًا.
الوقاية من داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب
قد تساعد الإجراءاتُ التالية على التقليل من فرص التعرّض للدغ من قبل الحشرة أو الذُّبابة السَّوداء، وبذلك تقلّل من خطر الإصابة بداء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب:
تجنُّب المناطق التي ينتشر فيها الذباب
ارتداء ملابس واقية
استخدام طاردات الحشرات بكثرة
يقلِّل إعطَاءُ إيفرمكتين مرةً واحدة أو مرَّتين في السنة بشكلٍ كبير من عدد المِكروفيلاريَّات، ويمنع من زيادة شدَّة المرض، ويساعد على السيطرة على العدوى في المَرضَى الذين يتعرّضون بشكل متكرِّر لها.لقد جَرَى استخدامُ هذا الأسلوب الوقائي المجتمعي في المناطق التي يشيع فيها داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب.
علاج داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب
إيفرمكتين Ivermectin
دوكسيسيكلين doxycycline أحيَانًا
بالنسبة لمُعالجَة داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب، يُعطَى الإيفرمكتين جرعة واحدة عن طريق الفم، ويَجرِي تكرار الجرعة كلَّ 6 إلى 12 شَهرًا حتى تختفي الأَعرَاض.يقتل إيفيرمكتين المِكروفيلاريَّات، ويحدّ من عددها في الجلد والعينين،ويقلِّل من إنتاجها من قبَل الدِّيدان البالغَة لعدة أشهر.ولكنَّه لا يقتل الدِّيدان البالغَة، غير أنَّ الجرعات المتكرِّرة تقلِّل من خصوبتها.إذا كان الذين يعانون من داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب يعيشون في مناطق أفريقيا حيث تنتقل اللوائية، يقوم الأطبَّاء بالتحرّي عن داء داء اللوائيّات لديهم قبلَ إعطائهم الإيفرمكتين، لأن الإيفرمكتين يمكن أن يسبب التهابًا خطيرًا في الدماغ (التهاب الدماغ) عندَ المصابين بهذا الداء.
كما يقوم الأطباءُ أحيَانًا بمعالجة داء كُلاَّبِيَّةِ الذَّنَب بالدوكسيسيكلين (مُضادّ حَيَويّ) لمدة 6 أسابيع أيضًا.يقتل دوكسيسيكلين البكتيريا التي تعيش داخل الديدان، وتعدُّ ضرورية لبقائها.ونتيجةً لذلك، يموت العديد من الديدان الإناث، في حين تنتج أخرى أعدادًا أقل من المكروفيلاريات أو لا تنتج.والآثارُ الجانبية تكون خفيفة عادة.
في الماضي، كانت تُزال العُقَيدات جراحيًا، ولكنَّ إيفيرمكتين حلَّ محلَّ تلك المعالجة.
