(انظر أيضًا لمحة عامة عن المخاض والولادة)
يحدث المخاض في ثلاث مراحل رئيسية:
-
المرحلة الأولى: هذه المرحلة (التي تتكوَّن من طورين: الأوَّلية والنشطة) هي المخاض الحقيقي. تتسبَّب التقلصات في فتح عنق الرحم بالتدريج (توسيع) وتجعله رقيقًا وتسحبه إلى الخلف (إمِّحاء) إلى أن يندمج مع بقية الرحم. تُمكِّن هذه التغييرات الجنينَ من المرور إلى المهبل.
-
المرحلة الثانية: يُولَد الطفل.
-
المرحلة الثالثة: تخرج المشيمة.
يبدأ المخاض عادةً في غضون أسبوعين (قبل أو بعد) من التاريخ المُقَدَّر للولادة. مازالت الأسباب الدقيقة لبَدء حدوث المخاض مجهولةً. يقوم الطبيب في وقتٍ قريبٍ من موعد نهاية الحمل (بعد 36 أسبوعًا) بفحص عنق الرحم في محاولةٍ للتنبؤ بموعد بَدء المخاض.
وفي المتوسِّط، يستمر المخاض من 12 - 18 ساعة في حمل المرأة الأول ويميل إلى أن يصبح أقصر في حالات الحمل اللاحقة، حيث يتراوح في المتوسط بين 6- 8 ساعات.
مراحل المخاض
بَدء المخاض
يجب على جميع النساء الحوامل معرفة العلامات الرئيسية لبَدء المخاض:
يجب على المرأة التي حدثت عندها ولادات سريعة في حالات الحمل السابقة أن تتواصل مع طبيبها حالما تعتقد أنَّها ستدخل المخاض. عندما تبدأ التقلصات في أسفل البطن للمرَّة الأولى، يمكن أن تكون ضعيفة وغير منتظمة ومتباعدة. قد يكون الشعور بها مشابهًا لتقلصات الدورة الشهرية. ومع مرور الوقت، تصبح تقلُّصات البطن أطول وأقوى وأقرب من بعضها. يمكن أن تكون التَّقلُّصات وآلام الظهر مسبوقةً أو مصحوبةً بأدلَّة أخرى، مثل:
-
العلامة الدمويَّة bloody show: تخرج مُفرزات قليلة من الدَّم الممزوج بالمخاط من المهبل عادةً وذلك كدليلٍ على أنَّ المخاض على وشك البَدء. يمكن أن تظهر العلامة الدَّمويَّة في وقتٍ مُبكِّرٍ وذلك قبل 72 ساعة من بَدء التقلصات.
-
تمزُّق الأغشية rupture of membranes: تتمزَّق الأغشية المليئة بالسائل المحتوي على الجنين (الكيس السَّلوي) عندما يبدأ المخاض، ويجري السائل السَّلَوي خارجًا من خلال المهبل. يُوصَفُ هذا الحدث باسم "خروج السائل الأمنيوسي the water breaks" عادةً. تتمزَّق الأغشية قبل بَدء المخاض في بعض الأحيان. يُسمَّى تمزُّق الأغشية قبل بَدء المخاض بتَمَزُّق الأَغشِيَّةِ المُبتَسَر premature rupture of membranes. تشعر بعض النساء بجريان السائل من المهبل، يتبعه تسريبٌ ثابت.
إذا تمزَّقت أغشية المرأة قبل بدء المخاض، فعليها الاتصال بالطبيب أو القابلة مباشرةً. يحدث المخاض بشكل تلقائي خلال 24 ساعة عند حوالى 80 - 90 % من النساء اللواتي تمزقت أغشيتهنَّ قريبًا من موعد ولادتهنّ. إذا لم يبدأ المخاض بعد عدة ساعات وحان موعد الولادة، يجري إدخال النساء إلى المستشفى عادةً، حيث يُحرَّضُ المخاض بشكلٍ مصطنعٍ (تحريض) للحدِّ من خطر العدوى. وبعد تمزُّق الأغشية، يمكن أن تدخل الجراثيم من المهبل إلى الرحم بسهولة أكبر وتتسبَّبَ في حدوث عدوى عند المرأة أو الجنين أو كليهما.
يُستَعملُ الأوكسيتوسين oxytocin (الذي يتسبَّبُ في تقلُّص الرحم) أو دواءٍ مشابه، مثل البروستاغلاندين prostaglandin، لتحريض المخاض. ولكن، إذا تمزَّقت الأغشية قبل أكثر من ستَّة أسابيع من الموعد المحدد (قبل الأوان أو قبل الأسبوع الرابع والثلاثين) فإنَّ الأطباء لايقومون بتحريض المخاض عادةً حتى يصبح الجنين أكثرَ نُضجًا.
الدخول إلى المستشفى أو مركز الولادة
يجب على المرأة الذهاب إلى المستشفى أو إلى مركز الولادة عند حدوث إحدى الحالات التالية:
يجري قبول المرأة عند الاشتباه في حدوث تمزُّق في الأغشية أو توسُّع في عنق الرحم لأكثر من 4 سم. إذا كان الطبيب أو القابلة غير متأكدين ممَّا إذا كان المخاض قد بدأ، فإنَّه تجري مراقبة المرأة والجنين لمدة ساعة أو أكثر عادةً، وإذا لم يجرِ تأكيد المخاض بحلول ذلك الوقت، فقد تُخرَّجُ إلى المنزل.
لا يتمُّ قبول دخول المرأة إلَّا بعد ملاحظة قوَّة ومدَّة وتواتر التَّقلُّصات. حيث يجري قياس وزن المرأة وضغط الدَّم ومُعدل ضربات القلب والتنفس ودرجة الحرارة وتُؤخذ عيناتٌ من البول والدَّم للتحليل. ويُفحَصُ بطنها لتقدير حجم الجنين، وما إذا كان وجه الجنين إلى الخلف أو الأمام (الوضعيَّة)، وما إذا كان الرأس أو الوجه أو الإليتين أو الكتف تسبق الجنين إلى المخرج (المجيء).
تؤثِّروضعيَّة ومجيء الجنين في طريقة مرور الجنين من خلال المهبل. تتكوَّن التَّوليفة الأكثر شيوعًا وأمانًا ممَّا يلي:
يُسمَّى الرأس أوَّلًا بالمجيء الرأسي cephalic أو القِمِّي vertex. خلال الأسبوع أو الأسبوعين السابقين للولادة، تتحوَّل وضعيَّة مجيء معظم الأجنة بحيث يخرج الجزء الخلفي من الرأس أوَّلًا. تؤدي الوضعيَّة أو المجيء غير الطبيعي- مثل الأليتين أوَّلًا (الأليتان) أو الكتف أولًا أو وجه الجنين إلى الأمام- إلى جعل الولادة أكثر صعوبة بكثير بالنسبة للمرأة والجنين والطبيب. حيث يُوصى بإجراء الولادة القيصرية.
يُجرى الفحص المهبلي vaginal examination لتحديد ما إذا كانت الأغشية قد تمزَّقت ومدى تمدُّدها (تُسجَّل بالسنتيمتر) ومحو عنق الرحم (تُسَجَّل كنسبة مئوية أو بالسنتيمترات)، ولكنَّ هذا الفحص قد يُهمَل عند وجود نزفٍ عند المرأة أو إذا تمزَّقت الأغشية بشكلٍ تلقائي. يجري تسجيل لون السائل الأمنيوسي. يجب أن يكون السَّائِل رائقًا وليست له رائحة شديدة. إذا تمزَّقت الأغشية وكان لون السائل الأمنيوسي أخضرًا، فإن تغير اللون يكون ناجمًا عن البراز الأول للجنين (العقي الجنيني fetal meconium).
يجري عادةً إدخال خط ٍّوريديٍّ في ذراع المرأة أثناء المخاض في المستشفى. يُستَعملُ هذا الخط لتزويد المرأة بالسوائل لوقايتها من الإصابة بالتجفاف ولاستعمال الأدوية عند الحاجة.
عندما يجري تسريب السوائل عن طريق الوريد، لا يَتَعيَّن على المرأة أن تأكل أو تشرب أثناء المخاض، على الرغم من أنَّها قد ترغب في شرب بعض السوائل وتناول بعض الطعام الخفيف في بداية المخاض. المعدة الفارغة أثناء الولادة تجعل المرأة أقلَّ عُرضة للقيء. وفي حالاتٍ نادرة جدًّا، يَجرِي استنشاق القيء بعد التخدير العام عادةً. يمكن أن يتسبَّبَ استنشاق القيء في حدوث التهابٍ في الرئتين، والذي قد يكون مُهدِّدًا للحياة. تُستَعملُ مضادات الحموضة عادةً عند النساء اللواتي خَضَعنَ لولادة قيصرية للحدِّ من خطر تضرُّر الرئتين إذا جرى استنشاق القيء.
مراقبة الجنين
بمجرَّد دخول المرأة إلى المستشفى، يستمع الطبيب أو غيره من مُقدِّمي الرعاية الصحية إلى ضربات قلب الجنين بشكلٍ دوريٍّ باستعمال جهاز محمول لتخطيط الصدى ثنائي الاتجاه أو يجري استعمال جهاز مراقبة قلب الجنين الإلكتروني لمراقبة نبضات القلب باستمرار.
خلال المرحلة الأولى من المخاض، تجري مراقبة مُعدَّل ضربات قلب الجنين بشكلٍ دوريٍّ باستعمال جهاز التخطيط بالصدى أو باستعمال جهاز المراقبة الإلكتروني بشكلٍ مستمر. تُعدُّ مراقبة معدل ضربات قلب الجنين الطريقةُ الأسهل لتحديد ما إذا كان الجنين يتلقى كمية كافية من الأكسجين. قد تُشير الشذوذات في مُعدَّل ضربات القلب (سريعة جدًّا أو بطيئة جدًّا) والاختلافات في مُعدَّل ضربات القلب (مع مرور الوقت وكردَّة الفعل للتقلصات)؛ إلى أنَّ الجنين في ضائقة (الضائقة الجنينيَّة). كما تجرِي مراقبة مُعدَّل ضربات القلب عند المرأة بشكلٍ دوري.
خلال المرحلة الثانية من المخاض، تجري مراقبة مُعدَّل ضربات قلب الجنين بعد كلِّ تقلص، أو باستمرار، إذا جرى استعمال المراقبة الإلكترونية. تجري مراقبة مُعدَّل ضربات القلب وضغط الدَّم بشكل منتظم عند المرأة.
تخفيف شدَّة الألم
بناء على نصيحة الطبيب أو القابلة، تضع المرأة عادةً خطةً لطريقة تخفيف الألم قبل بَدء المخاض بفترةٍ طويلة. ويمكنها اختيار أحد الإجراءات التالية:
قد يجري تعديل هذه الخطط بعد بدء المخاض، وذلك وفقًا لمدى تقدُّم المخاض، وشدَّة الألم الذي تُعاني منه المرأة ، وتوصيات الطبيب أو القابلة.
تختلف حاجة المرأة لتخفيف الألم أثناء المخاض بشكلٍ كبيرٍ وذلك تبعاً لدرجة القلق الذي تُعاني منه إلى حدٍّ ما. يساعد حضور فصول التحضير للولادة على إعداد المرأة للمخاض والولادة. يميل مثل هذا الإعداد والدعم العاطفي من الأشخاص الذين يحضرون المخاض إلى الحَدِّ من القلق.
قد يجري استعمالالمسكنات. إذا طلبت امرأة استعمال المسكنات أثناء المخاض، فإنَّه يُستَجاب لطلبها عادةً. ولكن، نتيجةً إمكانية قيام بعض هذه الأدوية بإبطاء (تثبيط) التنفس ووظائف أخرى عند حديثي الولادة، فإنَّ الجُرعة المُقَدَّمة تكون صغيرة قدر الإمكان. ومن الشائع استعمال الفنتانيل fentanyl أو المورفين morphine عن طريق الوريد لتخفيف الألم. قد يؤدي استعمال هذه الأدوية إلى إبطاء الطور الأوَّل من المرحلة الأولى من المخاض، لذلك يجري إعطاؤها عادة أثناء الطَّور النَّشِط من المرحلة الأولى. بالإضافة إلى ذلك، ولأنَّ التأثير الأكبر لهذه الأدوية يكون خلال الثلاثين دقيقة الأولى التالية لاستعمالها، لذلك لا تُستَعمل هذه الأدوية غالبًا عندما تكون الولادة على وشك الحدوث. فإذا جرى استعمالها قُبيل الولادة مباشرةً، قد يكون المولود قد تلقَّى جرعةً مُسكِّنةً كبيرةً، ممَّا يزيد من صعوبة تكيُّفه مع الحياة خارج الرحم. ولمواجهة التأثيرات المُهدِّئة لهذه الأدوية على المولود، يمكن للطبيب إعطاءه نالوكسون naloxone بعد الولادة مباشرة.
يعملالتخدير الموضعي على تخدير المهبل والأنسجة المُحيطة بفتحته. يمكن تخدير هذه المنطقة من خلال حقن مخدر موضعي عبر جدار المهبل في المنطقة المحيطة بالعصب الذي ينقل شعور الإحساس في المنطقة التناسلية السفلى (العصب الفرجي). يقتصر استعمال هذا الإجراء والذي يُطلق عليه تسمية إِحصارُ العَصَبِ الفَرجِيّ pudendal block على أواخر المرحلة الثانية من المخاض، وذلك عندما يكون رأس الطفل على وشك الخروج من المهبل. وقد جَرَى استبداله إلى حدٍّ كبيرٍ بالحقن فوق الجافية epidural injections. ويوجد إجراءٌ أكثرُ شُيُوعًا ولكن أقلُّ فعالية ينطوي على حقن مخدِّرٍ موضعيٍّ عند فتحة المهبل. ومع هذين الإجراءين، يمكن للمرأة أن تبقى مستيقظةً وأن تدفع، دون أن تتأثر وظائف الجنين. تكون هذه الإجراءات مفيدةً للولادات التي ليست لها أيَّة مُضَاعَفات.
يقوم التخدير النَّاحي بتخدير منطقةٍ أكبر. يمكن استعماله عند النساء اللواتي يرغبن في تخفيف الألم بشكل كامل. يمكن استعمال الإجراءات التالية:
-
الحقن القطني فوق الجافية Lumbar epidural injection يُستَعملُ بشكلٍ دائمٍ تقريبًا عند الحاجة إلى تخفيف الألم. يجري حقن مخدر في أسفل الظهر - في الحيِّز بين العمود الفقري والطبقة الخارجية من الأنسجة التي تغطي الحبل النخاعي (الحيِّز فوق الجافية). وبدلًا من ذلك، يجري وضع قثطار في الحيِّز فوق الجافية، ويجري تسريب مخدر موضعي (مثل بوبيفاكايين bupivacaine) بشكل مستمر وببطء من خلال القثطار. كما يجري غالبًا حقن مادَّة أفيونيَّة (مثل الفنتانيل fentanyl أو السوفينتانيل sufentanil). لا يمنع الحقن فوق الجافية للمخاض والولادة المرأة من الدَّفع ولا يزيد من فرص ضرورة خضوع النساء إلى ولادة قيصرية. كما يمكن استعمال الحقن فوق الجافية في الولادات القيصرية.
-
الحقن النُّخاعي Spinal injection ينطوي على حقن مخدر في الحيِّز بين الطبقتين الوسطى والداخلية من الأنسجة التي تغطي الحبل النخاعي (الحيِّز تحت العنكبوتية). يُستَعمل الحقن النُّخاعي عادةً في الولادة القيصرية عند عدم وجود مضاعفات.
يؤدي استعمال الحقن فوق الجافية أو الحقن النُّخاعي إلى حدوث هبوط في ضغط الدَّم في بعض الأحيان. ولذلك، إذا جرى استعمال أحد هذه الإجراءات فإنَّه يجري قياس ضغط دم المرأة بشكل مُتكرِّر.
يؤدي استعمال التخدير العام إلى جعل المرأة فاقدةً للوعي بشكلٍ مؤقَّت. ومن النَّادر أن يكون استعماله ضروريًّا ولا يُستَعمل بشكلٍ مُتكرِّر لأنَّه قد يُبطئ وظائف القلب والرئتين والدِّماغ عند الجنين. ورغم أنَّ هذا التأثير يكون مؤقتًا عادًة، إلا أنه يمكن أن يتداخل مع تكيُّف الوليد مع الحياة خارج الرحم. يُستَعمل التخدير العام في الولادة القيصرية الطارئة عادةً لأنَّه الطريقة الأسرع لتخدير المرأة.