-
يُمكن أن يُسهم أسلوب الحياة والوراثة والاضطرابات والأدوية أو توليفةٍ من هذه العَوامِل في عُسر شحميات الدَّم،
-
ويُمكن أن ينجُم عنه التصلُّب العصيديّ الذي يُسبِّبُ الذبحة الصدريَّة ونوبات القلب والسكتة ودَاء الشرايين المُحيطيَّة peripheral arterial disease.
-
يقيس الأطباء مُستويات ثُلاثيات الغليسيريد وأنواع مختلفة من الكولستيرول في الدم،
-
ويُمكن أن تكُون التمارين والتغيُّرات في النظام الغذائيّ والأدوية فعَّالةً.
تزداد مستويات البروتينات الشحميَّة وبالتالي الشحميات، خُصوصًا الكولستيرول السيئ، بعض الشيء مع التقدُّم في العُمر، وعادةً ما تكون المُستويات مُرتفعةً بعض الشيء عند الرجال بالمُقارنة مع النِّساء، ولكن تزداد هذه المُستويات عند النِّساء من بعد سنّ اليأس؛ ويُمكن أن تُؤدِّي الزيادة في مُستويات البروتينات الشحميَّة والتي تحدُث مع التقدُّم في العُمر إلى عُسر شحميات الدَّم .
يزداد خطر الإصابة بالتصلُّب العصيديّ (انظر التصلُّب العصيديّ) مع زيادة مستوى الكولستيرول الكُلِّي، حتى إذا لم يكن المستوى مرتفعاً بما يكفي كي يُعدّ عُسر شحميات الدَّم. يمكن أن يُؤثِّر التصلُّب العصيديّ في الشرايين التي تزود القلب بالدَّم (مما يسبب دَاء الشِّريَان التاجي)، وفي الشرايين التي تزود الدِّماغ بالدَّم (ممَّا يُسبِّبُ الدَّاء الدِّماغي الوعائيّ)، وفي الشرايين التي تُزوِّد بقية الجسم بالدَّم (ممَّا يُسبِّبُ داء الشرايين المُحيطيَّة)؛ ولذلك، يُؤدِّي المستوى المرتفع من الكولستيرول الكُلِّي إلى زيادةٍ في خطر نوبات القلب أو السكتة أيضًا. يُعدُّ المستوى المنخفض جدًا للكولسترول الكلِّي أفضل بشكلٍ عام من المستوى المرتفع، ولكن قد لا يكُون المستوى المنخفض جدًا للكولسترول صحياً في الحالتين (انظر نقص شحميَّات الدَّم).
على الرغم من أنَّه لا يُوجد حدّ طبيعيّ بين المُستويات الطبيعيَّة وغير الطبيعيَّة للكولسترول، يُعدُّ مُستوى الكولستيرول الذي يقلّ عن 200 ميليغرام لكل ديسيلتر من الدَّم أمراً مرغوب فيه بالنسبة إلى البالغين، ويستفيد الكثير من الأشخاص من حتى الحفاظ على مستوى أقلّ للشحوم. بالنسبة إلى بعض البلدان، مثل الصين واليابان، حيث يكُون متوسِّط مُستوى الكولستيرول 150 ميليغرام لكل ديسيلتر، يُعدُّ داء الشرايين التاجيَّة أقلّ شُيوعًا بالمُقارنة مع انتشاره في بُلدان مثل الولايات المتَّحدة. يزداد خطر نوبات القلب إلى أكثر من الضعف عندما يصِلُ مستوى الكولستيرول الكُلِّي إلى حَوالى 300 ميليغرامٍ لكل ديسيلتر،
ويُعدُّ مستوى الكولستيرول الكُلِّي مُجرَّد دليل عامّ لخطر التصلُّب العصيديّ، حيث تكُون مستويات مُكَوِّنات الكولستيرول الكُلِّي، خُصوصًا الكولستيرول السيئ والكولستيرول الجيِّد، مهمَّةً أكثر؛ ويزيد المستوى المرتفع للكولسترول السيئ من خطر التصلُّب العصيديّ، بينما لا يُعدُّ المستوى المرتفع للكولسترول الجيِّد اضطراباً وذلك لأنَّه يُقلِّلُ من خطر التصلُّب العَصيديّ، ولكن يزيد المستوى المنخفض للكولسترول الجيِّد (أي أقلّ من 40 ميليغراماً لكل ديسيلتر)، من خطر التصلُّب العصيديّ. بالنسبة إلى الخبراء، يُعدُّ مُستوى الكولستيرول السيئ عندما يكُون أقلّ من 100 ميليغرامٍ لكل ديسيلتر مِثالياً.
لا تُوجَد معلومات أكيدة حول ما إذا كانت المُستويات المرتفعة لثُلاثيات الغليسيريد تزيدُ من خطر نوبات القلب أو السكتة، وتُعدُّ مستويات ثلاثيات الغليسيريد التي تزيد على 150 ميليغراماً لكل ديسيلتر غيرَ طبيعيَّةٍ، ولكن لا يبدو أنَّ المُستويات المرتفعة تزيدُ من الخطر لجميع الأشخاص. بالنسبة إلى المرضى الذين لديهم مُستويات مرتفعة لثُلاثيات الغليسيريد، يزداد خطر نوبات القلب والسَّكتة إذا كان لديهم أيضًا مستوى منخفض للكولسترول الجيِّد أو يُعانون من السكَّري أو مرض الكلى أو لديهم عدَّة أقارب أُصِيبوا بالتصلُّب العصيدي سابقًا (تارِيخ عائليّ).
يُعدُّ المُستوى المرتفع للكولسترول الجيِّد مُفيداً عادةً ولا يُعدُّ اضطراباً، بينما يزيد مُستواه المنخفض جدًا من خطر التصلُّب العصيديّ.
مُستويات الشحوم الموغوب فيها عند البالغين
الأسباب
تُصنَّف العوامِلُ التي تُسبِّبُ عُسر شحميات الدَّم على الشكل التالي:
عُسر شحميات الدَّم الأوَّلي (الوراثيّ)
تنطوي الأسبَاب الأوَّلية على طفراتٍ جينيَّةٍ تُؤدِّي إلى أن يُنتج الجسم الكثير من الكولستيرول السيئ أو ثُلاثيات الغليسيريد أو لا ينجح في التخلُّص من تلك الموادّ، وتنطوي بعض الأَسبَاب على نقص في إنتاج أو فرط في إزالة الكولستيرول الجيِّد. تميلُ الأَسبَاب الأوَّلية إلى أن تكون وراثيَّة ولذلك فهي تسري في العائلات،
وتكُون مستويات الكولستيرول وثلاثيات الغليسيريد هي الأعلى عند مرضى عُسر شحميات الدَّم الوراثيّ، ممَّا يُؤثِّرُ في عملية الاستقلاب والتخلُّص من الشحميات. كما يُمكن أن يرث المرضى الميل نحو انخفاض مستويات الكولستيرول الجيِّد بشكلٍ غير مألوف. يمكن أن تنطوي عواقب عُسر شحميات الدَّم على التصلُّب العقيديّ المُبكِّر والذي يُمكن أن يُؤدِّي إلى الذبحة الصدرية أو نوبات القلب، كما يُعدُّ داء الشرايين المحيطيَّة من تلك العواقب أيضًا، وهو يُسبِّبُ غالبًا انخفاضًا في التروية الدمويَّة إلى الساقين مع ألمٍ في أثناء المشي (العَرج claudicationانظر شرايين الطرفين السفلين والعلويين). تُعدُّ السكتة واحدةً من العواقِب الأخرى المُحتَملة. يُمكن أن تُسبِّب المستويات المرتفعة جدًا لثلاثيات الغليسيريد التهابَ البنكرياس (انظر لمحة عامة عن التهاب البنكرياس).
بالنسبة إلى عَوز ليباز البروتين الشحميّ وعَوز صَمِيم البروتين الشَّحميّ CII ، وهُما اضطرابان نادران ينجُمان عن نقصٍ في بروتيناتٍ مُعيَّنة يحتاج إليها الجسم للتخلُّص من الجزيئات التي تحتوي على ثلاثيات الغليسيريد، لا يستطيعُ الجسم التخلُّص من الكيلومكرونات من مجرى الدَّم، ممَّا يُؤدِّي إلى مُستويات مرتفعة جدًا لثلاثيات الغليسيريد؛ ومن دُون المعالجة، تكون هذه المستويات مرتفعةً بشكلٍ ملحوظ بحيث تتجاوز 1000 ميليغرامٍ لكل ديسيلتر غالبًا. تظهر الأَعرَاض في أثناء مرحلة الطفولة وبِداية البلوغ، وهي تنطوي على نوبات متكررة من ألَم البَطن وتضخم الكبد والطحال وعُقيدات بلون أصفر قرنفليّ في الجلد على المرفقين والركبتين والردفين والظهر والجزء الأمامي من الساقين والجزء الخلفيّ من الذراعين، وتكون هذه العُقيدَات التي تُسمَّى الأورَام الصَّفراء الطفحيَّة eruptive xanthomas عبارةً عن ترسُّبات للدهون. يُؤدِّي أكل الدُّهون إلى تفاقُم الأعراض، على الرغم من أن هذا الاضطراب لا يؤدي إلى التصلُّب العصيديّ، ولكن يُمكن أن يُسبِّب التهاب البنكرياس والذي يُمكن أن يُهدد حياة المريض في بعض الأحيَان. ينبغي على مرضى هذا الاضطراب تجنُّب تناول الدُّهون بجميع أنواعها، سواء كانت مُشبعةً أم غير مُشبعةً أم مُتعدِّدة اللاتشبُّع polyunsaturated.
بالنسبة إلى فرط كوليستيرول الدَّم العائلي، يكُون مستوى الكولستيرول الكُلِّي مرتفعاً، ويُصِيبُ هذا الاضطراب نحوَ 1 من كل 250 شخصاً. قَد يرِثُ المرضى جينةً واحدةً غير طبيعيَّة أو جينتين غير طبيعيتين، واحدة من كل والد، وتكون الإصابة عند المرضى الذين لديهم جينتان غير طبيعيتين (مُتماثلة الزِّيجُوت homozygotes) أكثر شدَّةً بالمُقارنة مع الذين لديهم جينة واحدة غير طبيعيَّة (مُتغايرة الزِّيجُوت heterozygote). قد يكون لدى المرضى ترسُّبات دهنيَّة (أورام صفراء) في أوتار عقب القدم والركبتين والمرفقين والأصابع، ومن النَّادر أن تظهر الأورام الصفراء عند بلوغ العام العاشر من العُمر. يمكن أن يؤدي فرط كوليستيرول الدَّم العائلي إلى التصلُّب العصيدي الذي يستفحل بسرعة وإلى الوفاة المُبكِّرَة بسبب داء الشرايين التاجيَّة. قد يُعاني الأطفال الذين لديهم جينتين غير طبيعيتين من نوبات القلب أو الذبحة الصدرية عند بلوغهم 20 عامًا من العمر، ويُصاب الرجال الذين لديهم جينة واحدة غير طبيعية بداء الشرايين التاجية غالبًا بين عُمر يتراوح بين 30 إلى 50 عامًا. كما تُواجه النساء اللواتي لديهنَّ جينة واحدة غير طبيعيَّة زيادةً في الخطر أيضًا، ولكن يبدأ هذا الخطر عادةً بعد حَوالى 10 سنوات بالمُقارنة مع الرِّجال. قد يُصاب المُدخِّنُون أو الذين يُعانون من ارتفاع ضغط الدَّم أو السكَّري أو السمنة بالتصلُّب العصيديّ في عُمر مُبكِّرٍ أكثر.
تبدأ المُعالَجة باتِّباع نظامٍ غذائيٍّ يحتوي على القليل من الدُّهون المُشبَعة والكولستيرول، وعندَ الضرورة، ينصح الأطباءُ المرضى بإنقاص الوزن والامتناع عن التدخين وزِيادة النشاط البَدنيّ، ويحتاج المرضى عادةً إلى واحد او أكثر من الأدوية الخافضة للشحوم. يحتاجُ بعض المرضى إلى الفِصَادة apheresis(انظر مكافحة الأمراض عن طريق تنقية الدَّم)، وهي طريقة لفلترة الدَّم إلى مستويات منخفضة من الكولستيرول السيئ. يُمكن ان يُؤدِّي التَّشخيص المُبكِّر والمُعالَجة المُبكِّرة إلى التقليل من زيادة خطر نوبات القلب والسَّكتَة.
بالنسبة إلى فرط شحميات الدَّم المُشتَرك العائليّ، قد تكُون مستويات الكولستيرول أو ثلاثيات الغليسيريد أو كليهما مرتفعةً، ويُصيبُ هذا الاضطراب ما يتراوح بين 1 إلى 2 من الأشخاص تقريبًا. تُصبِحُ مُستويات الشحوم غيرَ طبيعيَّة عادةً من بعد عُمر 30 عامًا، ولكنها تُصبح كذلك في عُمرٍ أصغر أحيانًا، خُصوصًا عند الأشخاص الذين لديهم وزن زائد أو الذين يتَّبعون نظاماً غذائياً يحتوي على الكثير من الدهون أو الذين يُعانون من المُتلازمة الاستقلابيَّة (انظر مُتلازمة الاستقلاب).
تنطَوي المُعالَجة على التقليلِ من مدخُول الدُّهُون والكولستيرول والسكَّر بالإضافة إلى مُمارسة التمارين وإنقاص الوزن عند الضرورة. يحتاجُ العديد من مرضى هذا الاضطراب إلى أخذ أدوية خافضةٍ للشحوم.
بالنسبة إلى شُذوذ البروتين الشحميّ البيتا العائليّ في الدَّم familial dysbetalipoproteinemia، تكون مستويات البروتين الشحميّ الخفيض والكولستيرول الكلِّي وثُلاثيات الغليسيريد مُرتفعةً؛ ويعُود ارتفاع هذه المستويات إلى شكلٍ غير مُعتَاد من البروتين الشحميّ الخفيض في الدَّم. قَد تتشكَّل الترسُّبات الدهنيَّة (الأورَام الصفراء) في الجلد فوق المرفقين والركبتين وفي راحة اليد، حيث يُمكنها أن تُؤدِّي إلى طيَّاتٍ creases صَفراء. يحدُث هذا الاضطراب غير الشائع في مرحلة مُبكِّرة من الإصابة بالتصلُّب العَصيديّ الشَّديد، وعندما يكون المريض في مُنتصف العُمر، يُؤدِّي التصلُّب العصيديّ غالبًا إلى انسِدادٍ في الشرايين التاجيَّة والمُحيطيَّة.
تنطَوي المُعالَجة على الحفاظ على وزن سليمٍ للجسم والتقليل من مدخُول الكولستيرول والدُّهون المُشبَعة والكربوهيدرات، ويحتاجُ المرضى إلى اخذ أدويةٍ خافضةٍ للشحوم عادةً. مع المُعالَجة، يُمكن تحسين مُستويات الشحميَّات وقد يجري إبطاء استفحال التصلُّب العصيديّ وقد تُصبِح الترسُّبات الدهنيَّة في الجلد أصغَر أو تختفي.
بالنسبة إلى فرط ثُلاثيّ غليسيريد الدَّم العائليّ ، تكُون مُستويات الغليسيريد مُرتفعةً، ويُصِيبُ هذا الاضطراب نحو 1% من الأشخَاص. بالنسبة إلى بعض العائلات التي تُعاني من هذا الاضطراب، يميلُ التصلُّب العصيديّ إلى الحدوث في عُمرٍ مُبكِّرٍ، ولكن بالنسبة إلى عائلاتٍ أخرى، لا يحدث هذا. عند الضرورة، يُساعد إنقاص الوزن والتقليل من استهلاك الكحول على تخفيض مستويات ثلاثي الغليسيريد إلى الحدّ الطبيعيّ غالبًا، وإذا كانت هذه التَّدابير غيرَ فعَّالة، يُمكن الحُصول على فائدة عن طريق استخدام دواءٍ خافضٍ للشحوم. بالنسبة إلى المرضى الذين يُعانون من السكَّري أيضًا، من المهمّ ضبط هذا المرض.
بالنسبة إلى نقص بروتينات الدَّم الشَّحمية الألفائيَّة hypoalphalipoproteinemia، يكُون مستوى الكولستيرول الجيِّد مُنخفضاً، وينتقل انخفاض مستوى الكولستيرول الجيِّد عن طريق الوراثة غالبًا؛ وهُناك العديد من المشاكل الجينيَّة التي يُمكن أن تُؤدِّي إلى انخفاض مستوى الكولستيرول الجيِّد.
بالنسبة إلى المرضى الذين لديهم اضطراب جينيّ يُسبب ارتفاع مستويات ثلاثيات الغليسيريد (مثل فرط ثلاثيّ غليسيريد الدَّم العائلي أو فرط شحميات الدَّم المُشتَرك العائليّ)، يُمكن أن تزيد اضطرابات ومواد مُعيَّنة من ثلاثيات الغليسيريد إلى مستوياتٍ مرتفعةٍ بشكلٍ كبيرٍ؛ وتنطوي الأمثلة على مثل تلك الاضطرابات على السكَّري غير المضبوط بشكلٍ جيِّدٍ والخلل الوظيفيّ في الكلى، بينما تنطوي الأمثلة على تلك المواد على الاستهلاك الشديد للكحول واستخدَام أدوية مُعيَّنة تزيدُ من مستويات ثلاثيات الغليسيريد. يُمكن أن تنطوي الأَعرَاض على الترسبات الدهنيَّة (الأورَام الصفراء الطفحيَّة) في الجلد على الجزء الامامي من الساقين والجزء الخلفيّ من الذراعين وتضخُّم الطحال والكبد وألم البَطن وزيادة الحساسيَّة للَّمس بسبب الضرر في الأعصَاب. يُمكن ان يُؤدِّي هذا الاضطراب إلى التِهاب البنكرياس والذي يُمكن أن يُهدِّد حياة المريض في بعض الأحيَان. يُمكن أن يُساعد التقليل من مدخول الدُّهون (إلى أقلّ من 50 غراماً في اليوم) على الوَقاية من ضررِ الأعصاب والتهاب البنكرياس، كما يُمكن أن يُساعد أيضًا إنقاص الوزن وعدم شُرب الكُحول، وقَد تكون الأدوية الخافضة للشُّحُوم فعَّالةً.
عُسر شحميات الدَّم الثانويّ
تُسهِمُ الأسبَاب الثانويَّة في العديد من حالات عُسر شحميات الدَّم وهي تنطوي على الآتي:
يكُون بعض الأشخاص أكثر حساسيَّة لتأثيرات النِّظام الغذائيّ بالمُقارنة مع الآخرين، ولكن يتأثَّر مُعظمهم إلى درجةٍ ما، حيث يُمكن لشخصٍ أن يتناول كمياتٍ كبيرةٍ من الدهن الحيوانيّ ولا يزداد مُستوى الكولستيرول الكُلِّي لديه عن المستويات المرغوب فيها، ويستطيع شخص آخر اتباع نظام غذائي صارم قليل الدسم، ولا ينخفض الكولستيرول الكُلِّي دُون مُستوى مرتفع، ويبدو أن هذا الاختلاف يجري تحديده وراثيًا في مُعظمه، حيث تُؤثِّر التركيبة الجينيَّة للشخص في المُعدَّل الذي يصنع فيه جسمه ويستخدم ويُراكم هذه الدُّهون. كما أنَّ نوع الجسم لا يتنبَّأ أيضًا بمُستويات الكولستيرول دائمًا، حيثُ مُستويات الكولستيرول مُنخفضةً عند بعض الأشخاص بوزنٍ زائدٍ، بينما تكون هذه المستويات مرتفعةً عند بعض الأشخاص النحيلين. يمكن أن يؤدي تناول سعرات حراريَّةٍ زائدةٍ إلى مستويات عالية من ثُلاثيات الغليسيريد، ويحدُث هذا أيضًا عند استهلاك كميات كبيرةٍ من الكُحول.
تُؤدِّي بعض الاضطرابات إلى ارتفاع مُستويات الشحميَّات. يُمكن أن يُؤدِّي السكَّري غير المضبوط بشكلٍ غير جيِّد أو مرض الكلى المُزمن إلى زيادةٍ في مستويات الكولستيرول الكُلِّي أو مستويات ثلاثيات الغليسيريد. يُمكن أن تُؤدِّي بعض اضطرابات الكبد (خُصوصًا التشمُّع الصفراوي الأوَّلي primary biliary cirrhosis وقُصور الغدَّة الدَّرقية hypothyroidism)، إلى زيادةٍ في مُستويات الكولستيرول الكُلِّي.
يُمكن أن يُؤدِّي استخدام أدوِية مثل الإستروجينات (التي تؤخذ عن طريق الفم)، ووسائل منع الحمل الفمويَّة والستيرويدات القشريَّة والريتينويدات retinoids ومُدرَّات البول الثيازيديَّة thiazide diuretics (إلى حدٍّ ما)، ودواء سيكلوسبورين cyclosporine ودواء تاكروليماس tacrolimus والأدوية المُضادَّة للفيروسات المستخدمة في مُعالَجة عدوى فيروس العَوَز المَناعي البَشَري المُكتَسَب والإيدز، إلى زيادةٍ في مُستويات الكولستيرول أو ثلاثيات الغليسيريد.
قَد يُسهم تدخين السجائر وعدوى فيروس العوز المناعي البشري المُكتَسَب والسكَّري المضبوط بشكلٍ غير جيِّد أو اضطرابات الكلى (مثل المُتلازمة الكلائيَّة nephrotic syndrome)، في انخفاض مستويات الكولستيرول الجيِّد. يُمكن أن تُؤدِّي أدوية مثل حاصِرات بيتا والستيرويدات الابتنائيَّة إلى تخفيض مستويات الكولستيرول الجيِّد.
الأعراض
لا تُسبِّبُ المُستويات المرتفعة للشحميات في الدَّم أيَّة أعراض عادةً، وفي بعض الأحيان عندما تكون هذه المستويات مرتفعةً بشكلٍ مُحدَّد، تترسَّب الدهون في الجلد والأوتار وتُشكِّل عُقيدات تُسمَّى الأورَام الصفراء. في بعض الأحيان تظهر عند المرضى حلقات مُعتِمة بلون أبيض أو رماديّ في طرف القرنيَّة. يُمكن أن تُؤدِّي المستويات المرتفعة جدًا لثلاثيات الغليسيريد إلى تضخُّم الكبد أو الطحال وشعور بالنخز أو الحرق في اليدين والقدمين، وصعوبة في التنفُّس وتخليط ذهنيّ وقد تزيد من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس، ويُمكن أن يُسبِّب التهاب البنكرياس ألمًا شَديدًا في البطنِ ويُشكِّلُ تهديدًا لحياة المريض في بعض الأحيان.
التَّشخيص
يجري قياس مستويات الكولستيرول الكلي والكولستيرول السيئ والكولستيرول الجيِّد وثُلاثيات الغليسيريد (أي شاكلة الشحميَّات lipid profile)، في عيِّنةٍ من الدَّم؛ ونظرًا إلى أنَّ استهلاك الطعام أو المشروبات قد يُؤدِّي إلى زيادةٍ في مستويات ثلاثيات الغليسيريد بشكلٍ مُؤقَّت، ينبغي على المرضى الصيام لمدَّة 12 ساعةً على الأقلّ قبل أن يجري أخذ عيِّنة الدَّم منهم.
عندما تكون مستويات الشحميات في الدَّم مرتفعة جدًّا، يقوم الأطباء باختبارات دمويَّة خاصَّة للتعرُّف إلى الاضطراب الكامن المُحدَّد، وتَنطوي الاضطرابات المحددة على العديد من الاضطرابات الوراثيَّة (عُسر شحميات الدَّم الوراثيّ)، وهي تُنتِجُ تشوُّهات مُختلفة في الشحميات وهي ذات أخطار مُختلفةٍ.
التحرّي والاستقصاء
ينبغي قياس شاكلة الشحميَّات عند جميع البالغين في عُمر 20 عامًا وأكبَر، وينبغي تكرار القياسات كل 4 إلى 6 سَنوات،
ويجري تكرار التحرِّي عادةً إلى أن يصل الشخص إلى العقد الثامن من العُمر، وبالإضافة إلى قياس مستويات الشحميَّات، يتحرَّى الأطباءُ أيضًا عن عوامل الخطر الأخرى لأمراض القلب والأوعية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكّري أو التاريخ العائليّ لارتفاع مُستويات الشحميَّات.
يَنصحُ أطباء الأطفال بأن يخضع جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و 11 عامًا إلى اختباراتٍ للدَّم للتحرِّي عن ارتفاع مُستويات الشحميَّات. قد يخضع الأطفال إلى اختبارات التحرِّي في العام الثاني من العُمر إذا كان لديهم أفراد من الأسرة لديهم مُستويات مرتفعة للشحميَّات أو أُصِيبوا بمرض الشرايين التاجيَّة في عُمرٍ مُبكِّرٍ.
المُعالجَة
تنطوي أفضل طُرق المُعالجة عادةً على إنقاص الوزن بالنسبة إلى أصحاب الوزن الزائد، وعلى الامتناع عن التدخين بالنسبة إلى المُدخِّنين، وعلى التقليل من الكميَّة الكُلِّية للدهون المُشبَعة والكولستيرول في النِّظام الغذائيّ وزيادة النشاط البدنيّ ومن ثمَّ أخذ الأدوية الخافضة للشحوم عند الضرورة.
يُمكن أن تُساعد مُمارسة النشاط البدني بشكلٍ مُنتظم على التقليل من مُستويات ثُلاثيات الغليسيريد وعلى زِيادة مُستوى الكولستيرول الجيِّد، وينطوي هذا على المشي السَّريع لثلاثين دقيقة على الأقلّ ولخمس مرَّات في الأسبُوع.
النِّظَام الغذائيّ المُخفِّض لمُستوى الشُّحوم
يُمكن أن يُساعد النِّظَام الغذائيّ الذي يحتوي على القليل من الدهون المُشبَعة والكولستيرول على تخفيض مُستوى الكولستيرول السيئ، وينصَح الخُبراء بتقليل السُّعرات الحراريَّة من الدهون إلى ما لا يزيد عن 25 إلى 35% من السُّعرات الحراريَّة الكُلِّيَة التي يجري استهلاكها خلال أيَّام عديدة؛ ولكن يحتاج أيضًا المرضى الذين لديهم مستويات عالية من ثُلاثيات الغليسيريد إلى تجنب استهلاك كميات كبيرة من السكر (سواء في الأطعمة أم المشروبات)، والطحين المُكرَّر (مثل الطحين المُستخدَم في مُعظم السُّلَع التجاريَّة المخبوزة)، والأطعمة النَّشويَّة (مثل البطاطا والرزّ).
يُعدُّ نَوع الدُّهون المُستهلَكة مهمَّاً (انظر جدول: أنواعُ الدُّهون)، وقد تكُون الدُّهون مُشبعةً أو مُتعدِّدَة اللاإشبَاع أو أُحادِيَّة اللاإشبَاع. تزيدُ الدُّهون المُشبَعة من مُستويات الكولستيرول أكثر من الأشكال الأخرى للدُّهون، وينبغي ألّا تُزوِّد بأكثر من 7% من السعرات الحرارية الكُلِّيَة التي يجري استهلاكها يومياً. قَد تُساعد الدُّهون مُتعدِّدَة اللاإشبَاع (والتي تنطوي على دُهون أميغا 3 ودُهون أميغا 6) على التقليل من مُستويات ثُلاثيات الغليسيريد والكولستيرول السيئ في الدَّم. تنطوي اللصاقة المُستخدمة على علب الطعام على مُحتوى الدُّهون في مُعظم الأطعمة.
تُوجَد الكميات الكبيرة من الدُّهون المُشبَعة في أنواع اللحم وصفار البيض ومُنتجات الالبان كاملة الدَّسم وبعض المُكسَّرات (مثل بندق ماكاداميا macadamia nuts) وجوز الهند. تحتوي الزيوت النباتية على كمياتٍ أصغَر من الدُّهون المُشبَعة، ولكن يحتوي بعض أنواع الزيوت النباتية فقط على كمية صغيرةٍ بالفعل من الدُّهون المُشبَعة.
يُعدُّ السمن النباتيّ الذي يجري إنتاجه من الزيوت النباتية مُتعدِّدَة اللاإشبَاع بديلاً صحياً عن الزبدة عادةً، حيث تحتوي الزبدة على كميات كبيرة من الدُّهون المُشبَعة (حوالي 60%)، ولكن تحتوي بعض أنواع السمن النباتي (وبعض الأطعمة المُصنَّعة) على دُهون مفروقة قد تزيد من مستويات الكولستيرول السيئ وتُقلِّلُ من مستويات الكولستيرول الجيِّد. يحتوي السمن النباتيّ المصنوع من الزيت السَّائِل بشكلٍ رئيسيّ وبأشكاله التجارية على كميات أقل من الدهون المُشبَعة بالمُقارنة مع الزبدة، وهو لا يحتوي على الكولستيرول، كما يحتوي على كميات أقلّ من الدهون المفروقة بالمُقارنة مع السمن النباتي على شكل قوالب. يُمكن أن تُساعد أنواع السمن النباتيّ (وأنواع أخرى من المُنتجات الغذائيَّة) التي تحتوي على الستانولات أو الستيرولات النباتيَّة على التقليل من مستويات الكولستيرول الكلِّي والكولستيرول السيئ.
وينصح الاطباء بتناوُل الكثير من الفاكهة والخُضار والحبوب الكاملة، وذلك لأنَّها تحتوي على القليل من الدُّهون بشكلٍ طبيعيّ ولا تحتوي على الكولستيرول. كما يُوصي الأطباءُ أيضًا بتناوُل الاطعمة الغنيَّة بالألياف الذوَّابة، وهي تربِطُ الدُّهون في المعى وتُساعد على التقليل من مُستوى الكولستيرول، وَتنطوي هذه الأطعمة على نخالة الشُّوفَان ودَقيق الشُّوفان والفاصولياء والبازلاء ونخالة الأرزّ والشَّعير والحمضيات والفراولة ولبذ التفاح. كما يُخفِّضُ السيلليوم psyllium (بزر القطوناء) والذي يُستخدَم عادةً للتخفيف من الإسهال، من مستويات الكولستيرول أيضًا.
التَّقليل من الدُّهُون والكولستيرول في النِّظام الغذائيّ
طريقة عملية نحو نظام غذائيّ يحتوي على مستويات منخفضة من الكولستيرول والدُّهون المُشبَعة
الأدوية الخافِضة للشحوم
لا تستنِدُ المُعالَجة بالأدوية الخافضة للشحوم إلى مُستويات الشحوم فقط، إنَّما أيضًا إلى ما إذا كانت هناك إصابة بمرض الشرايين التَّاجية أو السكَّري أو عوامل خطر رئيسيَّة أخرَى لمرض الشرايين التاجية (انظر لمحة عامة عن داءِ الشِّريان التَّاجِي (CAD)). بالنسبة إلى المرضى الذين يُعانون من مرض الشرايين التاجية أو السكَّري، يُمكن التقليل من خطر نوبات القلب أو السكتة عن طريق استخدَام الأدوية الخافضة للشحوم والتي تُسمَّى الستاتينات. بالنسبة إلى المرضى الذين لديهم مستويات مرتفعة جدًا للكولسترول أو لديهم عوامل خطر أخرى مرتفعة لنوبات القلب أو السَّكتة، قد يستفيدون أيضًا من تناوُل الأدوية الخافضة للشحوم.
هناك أنواع مختلفة من الأدوية الخافضة للشحوم:
يعمل كل نوع على التقليل من مستويات الشحوم بآليات مُختلفة، ولذلك تكون لهذه الأنواع المختلفة من الأدوية تأثيرات جانبية مُختلفة وقد تُؤثِّرُ في مستويات الشحوم بطرقٍ مُختلفةٍ. ينصحُ الأطباءُ باتِّباع نظامٍ غذائيٍّ يحتوي على القليل من الدُّهون المُشبَعة عند استخدام الأدوية الخافضة للشحوم.
لا ينطوي تأثير خافضات الشحوم على التقليل من مستويات الشحوم فقك، بل هي تعمل على الوِقاية من مرض الشرايين التاجية أيضًا، كما أظهرت أيضًا قدرتها على التقليل من خطر الوفاة المُبكِّرَة.
قد تحمل مُعالجة الأطفال على شيءٍ من التحدِّي، ولا توجد دراسات تبين أن مُعالَجَة المستويات المرتفعة من الدُّهون عندَ الأطفال ستُقلِّلُ من خطر أن يُصاب الأطفال الذي يخضعون إلى المُعالجة بمرض القلب عندما يُصبِحون بالغين؛ ولكن تُوصي الأكاديميَّة الأمريكيَّة لأطباء الأطفال والمعهد القوميّ للصحَّة والرئتين والدَّم بمُعالَجة بعض الأطفال الذين لديهم مستويات مرتفعة من الشحوم، كما ينصح الأطباء بإحداث تغيُّرات في النِّظَام الغذائيّ. قد يجري إعطاء الأدوية الخافضة للشحوم لبعض الأطفال الذين لديهم مستويات مرتفعة جدًّا من الدهون ولايستجيبُون إلى التغيُّرات في النظام الغذائي، خُصوصًا الأطفال الذين يعانون من فرط كولسترول الدَّم العائليّ.
الأدوية الخافضة للشُّحُوم
مراقبة المُعالَجة
يقُوم الأطباءُ عادةً باختباراتٍ للدَّم من بعد 2 إلى 3 أشهُر من البدء بالمُعالَجة وذلك لتحديد ما إذا كانت مُستويات الشحوم آخذة في الانخفاض، وحالما تنخفض مُستويات الشحوم بشكلٍ كافٍ، يقوم الأطباء باختبارات للدَّم لمرَّةٍ أو مرَّتين في العام. لم يعد الأطباء يستخدمون معياراً مُحدَّداً لمُستويات الشحوم، وبدلاً من ذلك، يُحاولون تخفيض مستويات الشحوم بنسبةٍ مئويَّةٍ مُعيَّنة، حيث تتراوح عادةً بين 30 إلى 50%؛
ونظرًا إلى أنَّ بعض الأدوية الخافضة للشحوم يُمكن أن تُؤدِّي إلى مشاكل في العضلات والكبد أحيانًا، يقوم الأطباء باختبارات الدَّم عادةً عندما يبدأ المريض بالشوط الدوائيّ، وإذا تعرَّض المريض إلى تأثيراتٍ جانبيةٍ لاحقاً، يستطيع الاطباء استخدام مقاييس أوَّلية للمُقارَنة.