التهابُ السَّحايا الفيروسي Viral Meningitis

حسبJohn E. Greenlee, MD, University of Utah Health
تمت مراجعته ربيع الثاني 1444

التهابُ السحايا الفيروسي هو التهابُ طبقات الأنسجة التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي (السحايا) والحيز المملوء بالسائل بين السحايا (الحيز تحت العنكبوتية ) عندما تسبّبه الفيروسات.

  • يبدأ التهابُ السحايا الفيروسي عادةً بأعراض العدوى الفيروسية مثل الحمى والشعور العام بالمرض والصُّدَاع ووجع العضلات.

  • ويُصابُ الأشخاص بعدَ ذلك بالصُّدَاع وتيبُّس الرقبة ممَّا يجعل خفض الذقن إلى الصدر أمرًا صعبًا أو مستحيلاً.

  • يشتبهُ الأطباءُ بالتهاب السحايا الفيروسي بناءً على الأعراض ويقومون بإجراء البزل النخاعي (البزل القطني) لتأكيد التشخيص.

  • إذا بدا على الأشخاص المرض الشديد، فإنَّه تُستَعمل معالجة التهاب السحايا الجرثومي إلى أن يجري استبعاد هذا التشخيص.

  • إذا كان السببُ هو فيروس العَوَز المَناعي البَشَري (HIV) أو فيروس الهربس، فإنَّه يجري استعمال الأدوية الفعالة لمكافحة تلك الفيروسات.

  • بالنسبة إلى الفيروسات الأخرى، لا تتوفر أدوية فعَّالة، ولكن يتعافى معظمُ الأشخاص من تلقاء أنفسهم في غضون أسابيع.

(انظر أيضًا مقدمة عن التهاب السحايا).

يُغطَّى الدماغ والحبل الشوكي بثلاثِ طبقاتٍ من الأنسجة تُسمَّى السحايا.يقع الحيّزُ تحت العنكبوتية بين الطبقة الوسطى والطبقة الداخلية من السحايا التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي.ويحتوي هذا الحيزُ على السَّائِل النخاعي الذي يجري عبر السحايا، ويملأ الأحياز داخل الدماغ، ويساعد على توسيد الدماغ والحبل الشوكي.

يُعَدُّ التهابُ السحايا الفيروسي السَّبَبَ الأكثر شُيُوعًا لالتهاب السحايا العقيم.يُشيرُ مصطلحُ التهاب السحايا العقيم إلى التهاب السحايا النَّاجم عن أيِّ شيء آخر غير الجراثيم التي تُسبِّبُ التهاب السحايا عادةًوبذلك يمكن أن ينطوي التهاب السحايا العقيم على التهاب السحايا الناجم عن الأدوية أو الاضطرابات غير المُعدية أو الكائنات الحية الأخرى (مثل الجرثومة التي تُسبِّب داء لايم أو مرض الزُّهري).

الأنسجة التي تُغطي الدماغ

يُغطَّى الدماغ داخل الجمجمة بثلاث طبقات من الأنسجة تُسمّى السَّحايا.

أسباب التهاب السَّحايا الفيروسي

السببُ الأكثر شُيُوعًا لالتهاب السحايا الفيروسي هو

تميل الفيروساتُ المعوية إلى البقاء في السبيل الهضمي.وتكون حالاتُ العدوى مُعدِية بشكلٍ كبير.

وتشتمل الأَسبَابُ الشائعة الأخرى على:

تُسبِّبُ العدوى بالنمط الثاني من فيروس الهربس البسيط الإصابة بالهربس التناسلي، وهو عدوى منتقلة بالجنس تُسبب نفطاتٍ مؤلمة في منطقة الأعضاء التناسليَّة.كما يُمكن أن تُسبِّبَ الإصابة بالنمط الثاني من فيروس الهربس البسيط ظهور أعراض التهاب السحايا.يحدُث التهابُ السحايا بالعدوى بالنمط الثاني من فيروس الهربس البسيط عادةً عند تعرُّض الجسم للعدوى بهذا الفيروس للمرَّة الأولى.ويمكن أن تحدثَ الأعراضُ التناسليَّة والسحائيَّة في الوقت نفسه.وقد تظهر أعراضُ التهاب السحايا قبل ظهور الأعراض التناسليَّة، ويُصاب بعض الأشخاص بالتهاب السحايا دون أن تظهر أيَّة أعراضٍ تناسليَّة.وبعدَ زوال الأَعرَاض، يبقى النمط الثاني من فيروس الهربس البسيط في الجسم في حالة غير نشطة (خاملة).وهذا يعني أنه لا يُسبب أعراضًا.ولكن، يمكن أن يُصبحَ نشطًا مَرَّةً أخرى (يُعاد تنشيطه) بشكلٍ دوري، ويُسبب الأَعرَاض.وهكذا، يمكن أن تعودَ الإصابة بالتهاب السحايا النَّاجم عن العدوى بالنمط الثاني من فيروس الهربس البسيط.

الفَيروس النُّطَاقِيّ الحُماقِيّ (الفيروس الذي يسبّب الحُماق)وكما هيَ الحال في فيروس الهربس البسيط من النوع الثاني، يبقى فيروس الحماق النطاقي في الجسم في حالة غير نشطة.وقد لا يؤدي الفيروسُ إلى ظهور أعراضٍ مرَّةً أخرى على الإطلاق، أو يمكن أن يعودَ إلى النشاط بعد سنوات.عندما يتنشّط، فإنّه يتسبّب في الهربس النطاقي، وقد يسبب التهاب السحايا.وخلافًا لحالات العدوى الفيروسيَّة بالهربس البسيط، التي يمكن أن تتكرَّر عددًا من المرَّات، يكون حدوثُ فاشية الهربس النطاقي مقتصرًا على مرَّةٍ واحدةٍ خلال حياة الشخص عادة؛إلَّا أنَّه قد تعاود إصابة الأشخاص الذين يعانون من ضُعفٍ في جهاز المناعة (كما في المصابين بعدوى الإيدز) بالهِربِسٌ النُطاقِيّ أكثر من مرّة.

ويسبِّب فيروس زيكا وفيروس شِيكُونْغُونْيا Chikungunya التهابَ السحايا أحيانًا.فالكثير من الفيروسات، التي كان وجودها مقتصرًا على أجزاء قليلة من العالم، تنتشر حاليًّا.

من حين لآخر يحدث التهاب السحايا عند المصابين بكوفيد-19.وفي حالاتٍ نادرة، ينجم التهاب السحايا هذا عن عدوى متزامنة بفيروس آخر (مثل الفيروس النطاقي الحماقي).

انتقالُ التهاب السَّحايا الفيروسي

يمكن أن ينتشرَ التهابُ السحايا الفيروسي بعدّة طرائق، وفقًا لنوع الفيروس:

  • ينتشر عبر مجرى الدَّم من مكان العدوى في جزءٍ آخر من الجسم (الطريق الأكثر شيوعًا)

  • التعرُّض للبراز الملوّث، الذي قد يحدث عندما لا يغسل الأشخاص المصابون بالعدوى أيديهم بعد التَّبرُّز أو عندما يسبحون في بركة سباحة عامة (للفيروسات المعوية)

  • الاتصال الجنسي أو غيره من أشكال تعرُّض الأعضاء التناسلية لشخص مصاب بالعدوى (النمط الثاني من فيروس الهربس البسيط HSV-2 وفيروس العَوَز المَناعي البَشَري HIV)

  • لدغة من الحشرات، مثل البعوض (بالنسبة لفيروس غرب النيل أو فيروس سانت لويس أو فيروس زيكا أو فيروس شِيكُونْغُونْيا)

  • الانتشار عن طريق الهواء من خلال استنشاق الفيروس

  • التعرُّض للغبار أو الطعام الملوّث ببول أو براز الفئران المصابة بالعدوى أو الهامستر الملوّث (بالنسبة لفيروس التِهاب السَّحايا والمشيميَّات اللِّمفاوِي lymphocytic choriomeningitis virus)

  • استخدام الإبر الملوَّثة بالعدوى لحقن الأدوية (بالنسبة لفيروس العَوَز المَناعي البَشَري)

يقتصر تُسبِّبُ بعض الفيروسات (مثل تلك التي ينقلها البعوض) في حدوث التهاب السحايا في فصول معيّنة فقط، بسبب الطريقة التي تنتشر بها.

أعراض التهاب السحايا الفيروسي

يبدأ التهابُ السحايا الفيروسي بأعراض عدوى فيروسية، مثل الحُمَّى والشعور العام بالمرض (الشعور بالتَوَعُّك malaise) والسعال ووجع العضلات والقيء ونَقص الشَّهية والصُّدَاع.ولكن، لا تظهر عندَ الأشخاص أيَّة أعراضٍ في البداية أحيانًا.

يُعاني الأشخاصُ لاحقًا من أعراضٍ تُشيرُ إلى التهاب السحايا،أي يُصابونَ بالحُمَّى والصُّدَاع وتيبُّس الرقبة عادةً؛حيث يشعرون بالألم عندَ محاولتهم خفض الذقن إلى الصَّدر، أو قد يكون القيام بذلك مستحيلًا.ولكن، لا يكون تحريكُ الرأس في اتجاهاتٍ أُخرى بنفس الصعوبة.

يمكن أن تكونَ الأعراضُ شبيهةً بأعراض التهاب السَّحايا الجرثومي، ولكنها تكون أقل شدّة عادةً، وتحدث وتتقدم ببطء أكبر.

تشخيص التهاب السَّحايا الفيروسي

  • البزل الشوكي وتحليل السَّائِل النخاعي

  • الزرع والاختبارات الدَّمويَّة في بعض الأحيان

يشتبهُ الأطباءُ بالتهاب السحايا عند معاناة الأشخاص من الصُّدَاع والحمَّى وتيبُّس الرقبة؛ثمّ يحاولون تحديد ما إذا كان الالتهاب السحائي موجودًا وما إذا كان ناجمًا عن العدوى بالجراثيم (التي تتطلَّب معالجة فوريَّةً) أو بفيروس.يعدُّ احتمالُ أن يكون التهاب السحايا فيروسيًّا أكبرَ عندما تكون الأعراض أقلَّ شِدَّةً.

يُجرَى البَزل النخاعي (البزل القطني) للحصول على عَيِّنَة من السَّائِل النخاعي، حيث تُرسَل إلى المختبر لفحصها وتحليلها.ولكن، إذا اشتبه الأطبّاءُ في زيادة الضغط داخل الجمجمة، فيمكن إجراء التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أولًا للتحقّق من أسباب زيادة الضغط (مثل وجود ورم أو كتلة أخرى في الدماغ).قد يكون إجراءُ البزل الشوكي عند زيادة الضغط داخل الجمجمة خطيرًا، حيث قد يسبِّب اضطرابًا مهدِّدًا للحياة يُسمَّى انفتاق الدماغ.بعدَ خفض الضغط داخل الجمجمة أو في حال عدم اكتشاف كتلة، يُجرى البزل النخاعي.

وتُرسل عينة السَّائِل النخاعي إلى المختبر لفحصه وتحليله.يجري تحديدُ مستويات السكر والبروتين وعدد الكريَّات البيض ونوعها في السائل.ويُزرَع السَّائِل للتحرِّي عن الجراثيم، ومن ثَمَّ استبعاد أو تأكيد التهاب السحايا الجرثومي.لا يُجرى زرع للسائل عادةً للتَّحرِّي عن الفيروسات، لأنَّه من الصَّعب تقنيًّا القيام بذلك.

وتُستخدم تقنية التفاعلَ التسلسلي للبوليميراز (PCR)، التي تُنتج الكثير من نسخ الجين، للتَّحرِّي عن الفيروسات المعوية وفيروسات الهربس (مثل فيروس الهربس البسيط وفيروس الهربس النطاقي)، وبعض الفيروسات الأخرى.كما يقوم الأطبَّاءُ بفحص السَّائِل النخاعي للتحرِّي عن وجود أضداد بعض الفيروسات؛فمثلًا، يُشير كشفُ أضداد فيروس غرب النيل في السَّائِل النخاعي إلى أنَّ العدوى ناجمةٌ عنه.

كما يقومُ الأطباءُ في بعض الأحيان بسحب عَيِّنَة من الدَّم للزراعة والفحص وإجراء اختبار التفاعلَ التسلسلي للبوليميراز PCR إذا كان متوفرًا.ويمكن وضعُ تشخيص العدوى بفيروس العَوَز المَناعي البَشَري وفقًا لنتائج اختبارات الأضداد واختبار التفاعلَ التسلسلي للبوليميراز PCR.تُقاس مستوياتُ أضداد لفيروساتٍ أخرى، ويُعاد قياسها بعد بضعة أسابيع أحيانًا.وتشير الزيادةُ في مستوى أضدَّاد فيروسٍ معين إلى أنَّ الفيروس قد تسبب في حدوث عدوى حديثة، وبذلك قد يكون هو الذي سبَّبَ التهاب السحايا الأخير.

مآل التهاب السَّحايا الفيروسي

يتعافى معظمُ الأشخاص المُصابين بالتهاب السحايا الفيروسي في غضون أسابيعَ قليلة.ولكن، يمكن أن يستغرقَ الشفاء أشهرًا في بعض الأحيان، كما يحدث أحيانًا عندما يكون التهاب السحايا ناجمًا عن العدوى بفيروس غرب النيل أو فيروسُ التِهاب السَّحايا والمشيميَّات اللِّمفاوِيّ.

علاج التهاب السَّحايا الفيروسي

  • أسيكلوفير (دواء مُضادّ للفَيروسَات) لتدبير عدوى فيروس الهربس البسيط HSV أو الهربس النطاقي

  • الأدوية المُضادَّة للفيروسات القهقريَّة لمعالجة عدوى فيروس العَوَز المَناعي البَشَري

  • معالجة الأَعرَاض

إذا بدا على الأشخاص أنَّهم يُعانون بشدَّة من المرض، فإنَّ الأطبَّاء يبدؤون باستعمال المعالجة مباشرة دون أن ينتظروا نتائجَ الاختبار لتحديد السبب؛حيث يجري استعمالُ المضادات الحيويَّة حتى يتأكد الأطباء من أنهم ليسوا مُصابين بالتهاب السحايا الجرثومي، والذي يمكن أن يتسبَّب وبسرعةٍ عند إهمال علاجه في إلحاق ضررٍ دائمٍ بالدِّماغ أو الأعصاب أو في حدوث الوفاة.كما يجري إعطاؤهم الأسيكلوفير (دواء مضاد للفيروسات) في حال كانت العدوى ناجمة عن فيروس الهربس البسيط HSV.

وبعدَ تحديد السبب، يقومُ الأطباءُ بتغيير الأدوية حسب الحاجة.

تُعالج عدوى فيروس العَوَز المَناعي البَشَري باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقريَّة.تمنع هذه الأدوية فيروسَ العَوَز المَناعي البَشَري (فَيرُوس قَهقَرِيّ retrovirus) من التكاثر والتضاعف داخل الخلايا البشرية.يحتاج الأشخاص دائمًا على الأغلب إلى استعمال توليفةٍ من عددٍ من الأدوية المضادَّة للفيروسات القهقريَّة.ويجب على المرضى استعمال هذه الأدوية طوالَ حياتهم.

إذا كان السببُ هو فيروس الهربس البسيط HSV H أو الهربس النطاقي، يجب الاستمرارُ في استعمال الأسيكلوفير acyclovir.

لا تتوفَّر أدوية فعَّالة لمعالجة معظم الفيروسات الأخرى التي تُسبِّبُ التهاب السحايا عادةً.ولكن، إذا كان لدى الأشخاص جِهازٌ مَناعيّ طبيعي، فإنَّهم يتعافون دائمًا من هذه العدوى من تلقاء أنفسهم عادةً.

كما تجري معالجة الأعراض عادةً؛فمثلًا، يمكن للأسيتامينوفين، الذي يُستَعمَلُ عن طريق الفم أو كتحميلة (تدخَل في الشرج)، أن يُخفِّضَ شدَّة الحُمَّى.ويمكن لمسكِّنات الألم (analgesics)، التي تُستَعملُ عند الضرورة، أن تُساعد على تخفيف الصُّدَاع.

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID